القاضي بلحوقه بمنزلة القضاء بموته وذلك إبطال للوكالة وبعد ما تأكد بطلان الوكالة بقضاء القاضي لا نعود إلا بالتجديد ولأنه لما عاد مسلما كان بمنزلة الحربي إذا أسلم الآن .
( ألا ترى ) أن الفرقة الواقعة بينه وبين زوجته لا ترتفع بذلك فكذلك الوكالة التي بطلت لا تعود .
ومحمد رحمه الله يقول صحة الوكالة لحق الموكل وحقه بعد إلحاقه بدار الحرب قائم ولكنه عجز عن التصرف لعارض والعارض على شرف الزوال فإذا زال صار كأن لم يكن فيبقى الوكيل على وكالته بعد ردة الموكل على حاله ولكن تعذر على الوكيل بمنزلة ما لو أغمي على الوكيل زمانا ثم أفاق فهو على وكالته فأما إذا ارتد الموكل ولحق بدار الحرب بطلت الوكالة لقضاء القاضي بلحاقه بدار الحرب فإن عاد مسلما لم يعد الوكيل على وكالته في رواية الكتاب فأبو يوسف رحمه الله سوى بين الفصلين .
ومحمد رحمه الله يفرق فيقول الوكالة تعلقت بملك الموكل وقد زال ملكه بردته ولحاقه فبطلت الوكالة على البتات وأما بردة الوكيل فلم يزل ملك الموكل قائما فكان محل تصرف الوكيل باقيا ولكنه عجز عن التصرف لعارض فإذا زال العارض صار كأن لم يكن وجعل على هذه الرواية ردة الموكل بمنزلة عزله الوكيل لأنه فوت محل وكالته بمنزلة ما لو وكله ببيع عبد ثم أعتقه .
وفي السير الكبير يقول محمد رحمه الله يعود الوكيل على وكالته في هذا الفصل أيضا لأن الموكل إذا عاد مسلما يعاد عليه ماله على قديم ملكه وقد تعلقت الوكالة بقديم ملكه فيعود الوكيل على وكالته كما لو وكل ببيع عبد له ثم باعه الموكل بنفسه ويرد عليه بالعيب بقضاء القاضي عاد الوكيل على وكالته فهذا مثله .
قال ( وإذا وكل رجلان رجلا وأحدهما يخاصم صاحبه لم يجز أن يكون وكيلهما في الخصومة ) لأنه يؤدي إلى فساد الأحكام فإنه يكون مدعيا من جانب جاحدا من الجانب الآخر والتضاد منهي عنه في البيع والشراء فإذا كان في البيع لا يصلح الواحد أن يكون وكيلا من الجانبين ففي الخصومة أولى .
وإن كانت الخصومة لهما مع ثالث فوكل واحدا جاز لأن الوكيل معبر عن الموكل والواحد يصلح أن يكون معبرا عن اثنين كما يصلح أن يكون معبرا عن واحد .
وإذا وكل رجلا بالخصومة ثم عزله بغير علم منه لم ينعزل عندنا .
وقال الشافعي رحمه الله ينعزل لأن نفوذ الوكالة لحق الموكل فهو بالعزل يسقط حق نفسه وينفرد المرء بإسقاط حق نفسه .
( ألا ترى ) أنه يطلق زوجته ويعتق عبده بغير علم منهما ويكون ذلك صحيحا .
والثاني الوكالة للموكل لا عليه ولهذا لا يكون ملزما إياه فلو لم ينفرد بالعزل قبل علم الوكيل به كان ذلك عليه من وجه وذلك لا يجوز .
ولكنا نقول