بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض والموكل إنما رضي برأيه فلا يكون له أن يوكل غيره بدون رضاه وإن قال ما صنعته في شيئي ذلك جائز كان له أن يوكل غيره لأنه أجاز صنعه على العموم فالتوكيل من صنعه فيجوز لوجود الرضا من الموكل به وليس للوكيل بالخصومة أن يصالح ولا أن يبيع ولا أن يهب لأن هذه التصرفات ليست من الخصومة بل هي ضد الخصومة قاطعة لها والأمر بالشيء لا يتضمن ضده .
وإذا وكل رجل رجلا بقبض حق له في دار أو بقسمة أو بخصومة فجحده ذو اليد فله أن يخاصم ويقيم البينة على حقه لأنه وكله بالخصومة نصا ولأنه لا يتوصل إلى تمييز نصيب الموكل ولا إلى قبض حقه إلا ببينة فكان خصما في إثباته ليحصل مقصود الموكل .
وإذا وكل المسلم الذمي في خصومة فشهد شهود من أهل الذمة على إبطال حق المسلم لم يجز ذلك على المسلم لأن الوكيل نائب عن الموكل وهذه البينة في الحقيقة إنما تقوم عن الموكل فلا تكون شهادة أهل الذمة حجة عليه .
ولو كان المسلم هو الوكيل والذمي صاحب الحق فشهد عليه قوم من أهل الذمة جاز ذلك لأن الإلزام في هذه البينة على صاحب الحق دون الوكيل فإن الوكيل كالنائب إذا استشهدنا الذمي أنه أوصى إلى مسلم فشهد قوم من أهل الذمة عليه لحق قبلت الشهادة لأن الإلزام على الميت أو على ورثته دون الوصي وهم من أهل الذمة فكانت شهادة أهل الذمة في ذلك مقبولة فكذلك هنا .
وتوكيل الرجل الصبي بالخصومة إذا كان يعقل صحيح لأنه إذا كان يعقل فله عبارة معتبرة شرعا حتى تنفذ تصرفاته بإذن الولي ويجوز أن يكون وكيلا في البيع والشراء فكذلك في الخصومة إلا أن الصبي إذا لم يكن بن الموكل فلا ينبغي أن يوكله إلا بإذن أبيه لأن في هذا التوكيل استعمال الصبي في حاجة نفسه وليس لأحد أن يفعل ذلك في ولد غيره إلا بإذن أبيه .
وإذا وكل وكيلا في بيع أو شراء أو خصومة فذهب عقل الموكل زمانا فقد خرج الوكيل من الوكالة لأنه نائب عن الموكل وهو إنما انتصب نائبا عن الموكل باعتبار رأي الموكل وقد خرج الموكل بالجنون المطبق من أن يكون أهلا للرأي وصار مولى عليه فبطلت وكالة الوكيل كما تبطل بموته وهذا في موضع كان للموكل أن يخرجه من الوكالة فأما في كل موضع فلم يكن له أن يخرجه منها فلا تبطل بجنونه مثل الأمين باليد والعدل إذا كان مسلطا على البيع فجن الراهن لأن حق الغير هناك ثبت في العين وصار ذلك لازما على الموكل فلا يبطل بجنونه ولا بموته إذا نفي المحل فأما الوكيل بالخصومة إذا كان بالتماس الخصم فجن الموكل أو مات بطلت الوكالة لأن هذه الوكالة