الوكيل باعتبار ترك حقيقة اللفظ إلى نوع من المجاز فهو بهذا الاستثناء يبين أن مراده حقيقة الخصومة لا الجواب الذي هو مجاز بمنزلة بيع أحد الشريكين نصف العبد شائعا من النصيبين أنه لا ينصرف إلى نصيبه خاصة عند التنصيص عليه بخلاف ما إذا أطلق والثاني أن صحة إقراره وإنكاره عند الإطلاق لعموم المجاز لأن ذلك جواب ولاعتبار المناظرة في المعاملات بالمناظرة في الديانات منع موضعه فإذا استثني الإقرار كان هذا استثناء لبعض ما تناوله مطلق الكلام أو هو بيان مغاير لمقتضى مطلق الكلام فيكون صحيحا كمن حلف لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها ماشيا أو راكبا حنث لعموم المجاز .
فإن قال في يمينه ماشيا فدخلها راكبا لم يحنث لما قلنا وعلى هذا الطريق إنما يصح استثناؤه الإقرار موصولا لا مفصولا عن الوكالة وعلى الطريق الأول يصح استثناؤه موصولا ومفصولا قالوا وكذلك لو استثنى الإنكار صح ذلك عند محمد رحمه الله خلافا لأبي يوسف رحمه الله وهذا لأن إنكار الوكيل قد يضر الموكل بأن كان المدعي وديعة أو بضاعة فأنكر الوكيل لم يسمع منه دعوى الرد والهلاك بعد صحة الإنكار ويسمع منه ذلك قبل الإنكار فإذا كان إنكاره قد يضر الموكل صح استثناؤه .
الإقرار ثم إذا أقر الوكيل في غير مجلس القاضي فلم يصح إقراره عندهما كان خارجا من الوكالة وليس له أن يخاصم بعد ذلك لأنه يكون مناقضا في كلامه والمناقض لا دعوى له فيستبدل به كالأب والوصي إذا لم يصح إقرارهما على الصبي لا يملكان الخصومة في تلك الحادثة بعد ذلك .
وإذا وكله بالخصومة في دار يدعي فيها دعوى ثم عزله عنها ثم شهد له الوكيل بها فإن كان الوكيل قد خاصم إلى القاضي جازت شهادته عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ولم تجز عند أبي يوسف رحمه الله وهو بناء على ما ذكرنا أن عند أبي يوسف رحمه الله بتعيينه للتوكيل صار خصما قائما مقام الموكل ولهذا جاز إقراره فيخرج من أن يكون شاهدا بنفس التوكيل .
وعندهما إنما يصير خصما في مجلس القاضي فكذلك إنما يخرج من أن يكون شاهدا إذا خاصم في مجلس القاضي لا قبل ذلك وإذا وكله بالخصومة فله أن يعزله متى شاء لأن صحة الوكالة لحاجة الموكل إليه ولما له فيها من المنفعة وذلك في جوازها دون لزومها ولأن الوكيل معيره منافعه والإعارة لا يتعلق بها اللزوم إلا في خصلة واحدة وهي أن يكون الخصم قد أخذه حتى جعله وكيلا في الخصومة فلا يكون له أن يخرجه منها إلا بمحضر من الخصم لأنه تعلق بهذه الوكالة حق الخصم فإنه إنما خلي سبيله اعتمادا على أنه يتمكن من إثبات حقه على الوكيل متى شاء فلو جوزنا