يلزمه المال في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لما بينا أن نفوذ العقد برضا المكفول له فرجوع الكفيل قبل نفوذ العقد صحيح وإقرار العبد التاجر للأجنبي بدين أو وديعة أو إجارة جائز وإن كان عليه دين يحيط بقيمته وما في يده لأن هذا كله من أسباب التجارة ومن جملة صنع التجارة والإذن فك الحجر عنه فيما هو من عمل التجارة ولا يخل هذا الفك بوجوب الدين عليه فإقراره بهذه الأسباب بعد وجوب الدين كإقراره قبله .
وإن أقر لمولاه بدين عليه أو وديعة في يده وعليه دين مستغرق لم يجز إقراره لأن المولى يخلفه في كسبه خلافة الوارث المورث فكما أن تعلق حق الغرماء بمال المريض يمنعه من الإقرار للوارث فكذلك تعلق حق الغرماء بكسب العبد ورقبته يمنعه من الإقرار لمولاه إلا أن تعلق حق الغرماء هناك في حق المرض وهنا التعلق ثابت في صحة العبد ومرضه ولا يجوز إقرار العبد التاجر للأجنبي بجناية ليس فيها قصاص لأن هذا من التجارة والإذن فك الحجر عنه في التجارات ففيما ليس بتجارة المأذون والمحجور سواء وإقرار العبد على مولاه باطل .
وإذا أقر بقتل عمدا جاز إقراره وعليه القصاص لأنه يقر به على نفسه فإن المستحق بالقصاص دمه وهو في حكم الدم مبقي على أصل الحرية ولأن المولى لا يملك الإقرار عليه بالقصاص وفيما لا يملكه المولى على عبده العبد بمنزلة الحر كطلاق زوجته يصح إقراره به كما يصح إقراره بإيقاعه وكذلك إذا أقر على نفسه بسبب موجب للحد كالقذف والزنا وشرب الخمر .
وكذلك إذا أقر بسرقة مستهلكة موجبة للقطع وفي إقرار المحجور عليه بسرقة مال قائم بعينه في يده خلاف معروف في كتاب السرقة فأما إقرار المأذون به فصحيح في حق المال والقطع جميعا لأنه يملك الإقرار بكل واحد منهما أما بالمال فلإنفكاك الحجر وأما بالقطع فإنه مبقي فيه على أصل الحرية ولا يجوز إقراره في رقبته بمهر امرأة ولا بكفالة بنفس ولا بمال ولا بعتق عبد له ولا بمكاتبته ولا بتدبيره لأن هذا كله ليس من التجارة فالمأذون فيه كالمحجور .
وإذا أقر بنكاح إمرأة جاز إقراره غير أن المولى له أن يفرق بينهما بمنزلة ما لو أنشأ العقد فللمولى أن يفرق بينهما لأن النكاح تصرف مملوك للمولى عليه وهو ليس من التجارة في شيء بخلاف إقراره بالطلاق فإن ذلك غير مملوك للمولى عليه وينفرد به العبد إنشاء وإقرارا .
ولو أقر العبد التاجر أنه افتض إمرأة باصبعه أمة كانت أو حرة لم يلزمه شيء في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله ويلزمه ذلك في قول أبي يوسف رحمه الله وجه قوله أن الإقرار بالإفتضاض بمنزلة الإقرار بالغصب والإستهلاك .
( ألا ترى