لا توجب براءة الأصيل وهو تمليك للدين من الكفيل من وجه حتى إذا أدى رجع على الأصيل بحكم الأداء وبين العلماء رحمهم الله اختلافا في براءة الأصيل بحكم الكفالة فكان بن أبي ليلى رحمه الله يقول الكفالة توجب براءة الأصيل كالحوالة ولو اجتهد قاض قال بهذا القول وقضى به نفذ وفيه إضرار الصبي فلهذا لا يملك الأب والوصي ذلك بل هما فيه كسائر الأجانب إذا بلغه وصح رجوع الكفيل قبل إجازته فكذلك هنا تتوقف على إجازة الصبي إذا أدرك وصح رجوع الكفيل قبل إدراكه لأن العقد لم يلزم بعد ولو أقر أنه رهن هذا اللقيط لفلان بمائة درهم واللقيط لا يتكلم جاز على الكفيل ولا يلزم الصبي شيء لأن إقرار المقر على نفسه صحيح وعلى اللقيط باطل وليس من ضرورة امتناع وجوب المال على الأصيل امتناع وجوبه على الكفيل .
( ألا ترى ) أنه لو أقر بالكفالة عن بالغ وجحد البالغ وجوب المال عليه فإن الكفيل ضامن له وإن لم يجب على الأصيل شيء وهذا لأن الصبي أهل أن يجب المال عليه بحال لأن له ذمة صحيحة فيجعل في حق المقر كان ما أقر به حق .
وإن امتنع ثبوته في حق الصبي كمن قال لآخر كفلت لك عن فلان الغائب بمائة درهم التي أقرضته أمس ويعلم أن الغائب لم يقدم منذ سنة فالمال واجب على الكفيل للمعنى الذي بينا .
ولو كفل عن رجل لرجل حاضر بمائة درهم بغير أمره فقال المكفول عنه قد رضيت بكفالتك ثم قال الطالب قد رضيت بضمانك لي فالضمان جائز ويرجع الكفيل إذا ادعى المكفول لأن رضا المكفول عنه بالكفالة حصل قبل تمام العقد فإن تمامه بقبول الطالب فكان هذا بمنزلة أمره إياه بأن يكفل عنه .
فإذا أدى يرجع عليه فلو قال المكفول له أولا قد رضيت ثم قال المكفول عنه قد رضيت كان رضاه باطلا ولم يرجع الكفيل بالمال إذا أداه لأن الكفالة تمت بقبول الطالب ولزم المال الكفيل إذا أداه لأن الكفالة تمت بقبول الطالب ولزم المال الكفيل على وجه لا يرجع إذا أدى فلا يتعين ذلك برضا المكفول عنه بعد ذلك لأن رضاه وإجازته إنما تؤثر في الموقوف لا في النافذ وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله فأما على قول أبي يوسف رحمه الله الآخر الكفالة تتم بالكفيل قبل قبول الطالب فيستوي الجواب في الفصلين ولا يعتبر رضا المكفول عنه في إثبات الرجوع للكفيل في الفصلين جميعا وقول المكفول عنه قد ثبتت كفالتك أو سلمتها أو أجزتها مثل قوله قد رضيت بها لأن المعنى يجمع الفصول كلها ولو أن الكفيل بعد ما رضي المكفول عنه رجع عن الكفالة قبل رضا المكفول له بها لم