وقضاؤه لا يضمن للثاني شيئا وإن أقر قبل أن يستحلف أن العبد لفلان الغائب لم تندفع عنه الخصومة بهذه المقالة ما لم يقم البينة وهي المسألة المخمسة التى ذكرناها في كتاب الدعوى فإن استحلف المدعى عليه فأبى أن يحلف دفعه إلى المدعي فإن جاء المقر له الأول كان له أن يأخذه من المقضى له لأنه أقر له بالملك قبل نكوله للمدعى دون اتصال تصديقه بذلك الإقرار فكان له أن يأخذه كمن أقر بعين لغائب ثم أقر بها لحاضر وسلمه إياه ثم رجع الغائب فصدقه كان هو أولى بها ثم المدعى على حجته مع المقر له فإن أقام البينة وإلا استحلفه على دعواه ولو ادعى غصب العبد على ذي اليد فاستحلف فنكل فقضي له به ثم جاء مدع آخر به على الغاصب الذي كان العبد في يده وطلب منه فإنه يستحلف له أيضا لأنه بدعوى الغصب عليه يدعي ضمان القيمة في ذمته ولو اقر به لزمه فإذا أنكر استحلف له بخلاف ما إذا ادعي عليه ملكا مطلقا لأن دعوى الملك المطلق دعوى العين فلا تصح إلا على من في يده والعين ليست في يد المقضي عليه .
فأما دعوى الغصب فدعوى الفعل الموجب للضمان وهو صحيح سواء كان العبد في يده أو لم يكن وكذلك هذا في الوديعة والعارية لأنه يدعي عليه فعلا موجبا للضمان فإن المودع والمستعير بالتسلم يصير ضامنا إلى رد الملك وجميع أصناف الملك في هذا سواء ما خلا العقار فإنه لا يضمن شيئا للثاني في قول أبى حنيفة رحمه الله وفي قول أبى يوسف رحمه الله الآخر ولا يمين له عليه .
وفي قوله الأول وهو قول محمد رحمه الله يتوجه عليه اليمين ويصير ضامنا إذا لم يحلف وهذا بناء على مسألة غصب العقار وهي معروفة .
( رجل مات وترك ابنا وفي يده عبد فادعى رجل أنه استودع العبد أباه فإن الابن يستحلف له على علمه ) لأنه قام مقام المورث فجحوده الوديعة كجحود المورث ولو أقر به أمر بالتسلم إليه فإذا أنكر يستحلف عليه غير أن هذا استحلاف على فعل الغير فيكون على العلم فإن أبى أن يحلف دفع العبد إليه لأنه بالنكول صار باذلا أو مقرى فإن ادعى آخر مثل ذلك لم يستحلف له الابن لأنه لو أقر للثانى لم يلزمه شيء فكيف يستحلف عند جحوده وإنما لا يصير ضامنا شيئا لان الوديعة لم يباشرها هو حتى يكون ملتزما حفظها بعقده ثم بالنكول لا يكون تاركا للحفظ بل هو رجل امتنع من اليمين وأمره القاضي بتسليم ما في يده عند ذلك فلا يصير ضامنا شيئا بخلاف ما إذا كان يدعي عليه إنه أودعه إياه فان هناك لو أقر به لزمه الضمان بسبب ترك الحفظ الذي التزمه بالعقد حين أقر .
وعند أبي حنيفة أنه يحلف للأول وهذا يكون على قول محمد رحمه الله