بعد ذلك لآخر فإنما يصح فيما بقي في يده من التركة فإن أخذ المتفق عليه المائة من أحدهما رجع على أخيه بنصفها لأن هذا الدين ثبت في حقهما فالمؤدي منهما لا يكون متبرعا بل هو قاضي دين أبيه فيرجع على شريكه بحصته منه ولو بدأ أحدهما فأقر لرجل بمائة درهم ثم أقر بعد ذلك لآخر بمائة درهم فالأول يأخذ من المقر مائة درهم مما في يده لإقراره له به والمائة التى هي حق المتفق عليه في مالهما على تسعة عشر سهما لأن الباقى من التركة في يد المقر تسعمائة وفي يد الجاحد ألف وقضاء الدين عليهما بقدر ما في يديهما من التركة فإذا جعل كل مائة سهما كان علي تسعة عشر سهما فإن أخذ المائة من أحدهما رجع على صاحبه بحصته منها .
وكذلك لو كان الإقرار منهما جميعا فالمائة التي أقر بها أحدهما عليه في نصيبه خاصة والمائة الأخرى عليهما على تسعة عشر سهما وقضية هذه المسائل أن الوارث إذا أقر بدين وقضاه من نصيبه لا يصير ضامنا شيئا مما قضاه لأنه بإقراره قصد تفريغ ذمة مورثه وما أتلف عليه بعد شيئا ثم دفعه بعد ذلك بقضاء القاضي لا يصيره ضامنا وإذا لم يضمن صار ذلك القدر كأنه لم يكن أصلا فما يثبت من الدين بعد ذلك كان عليهما بقدر ما في أيديهما من التركة والله أعلم .
$ باب الإقرار بترك اليمين $ قال رحمه الله ( رجل ادعى عبدا في يد رجل ولم يكن له بينة وطلب يمينه فنكل المدعى عليه عن اليمين فإنه يقضى بالعبد للمدعى ) وقد بينا هذا في كتاب الدعوى .
( قال ) ( وهذا بمنزلة الإقرار وهو بناء على قولهما فإن النكول عندهما يدل على الإقرار ) لأن أصل حق المدعى عليه في الجواب وحقه في الجواب هو الإقرار ليتوصل إلى حقه ( ألا ترى ) أن القاضي يقول له ماذا تقول ولا يقول ماذا تفعل فإذا منعه ذلك الجواب فإنكاره حق إلى الشرع وحقه اليمين فإذا نكل يعاد إليه أصل حقه وهو والإقرار سواء وعند أبى حنيفة رحمه الله تعالى بمنزلة البدل لأن به يتوصل المدعى إلى حقه مع بقاء المدعى عليه محقا في إنكاره فلا يجوز أن يجعله مبطلا في إنكاره من غير حجة وضرورة وقد بينا هذا الخلاف في مسألة الاستحلاف في النكاح ونظائره فإن أقر بعد ذلك أن العبد كان لآخر لم يصح إقراره لأنه صادف ملك الغير ولا ضمان عليه في ذلك لأنه ما أتلف شيئا ولكنه تحرز عن اليمين ودفع إلى الأول بأمر القاضي