تسييل الماء في هذا الدار وفيه زيادة ضرر على صاحب الدار وكذلك لو أراد أن ينقل الميزاب عن موضعه لأنه ينصب الماء فيه في غير الموضع الذي هو حقه .
وكذلك لو أراد أن يرفعه أو يسفله ففي كل ذلك نوع ضرر على صاحب الدار سوى ما كان مستحقا لصاحب الميزاب فلا يملكه إلا برضاه قال ولو أراد أهل الدار أن يبنوا حائطا ليسد مسيله لم يكن لهم ذلك لأنهم قصدوا منع حق مستحق للغير في دارهم وإن أرادوا أن يبنوا بناء يسيل ميزابه على سطحه كان لهم ذلك لأنه لا ضرر فيه على صاحب الميزاب إذ لا فرق في حقه بين أن ينصب ماء المطر في ساحة الدار أو على ظهر بيت يبنونه في ذلك الموضع وليس لهم أن يبنوا في ساحة الدار ما يمنع صاحب الطريق من التطرق فيه ولكنهم إذا أرادوا أن يبنوا الساحة ينبغي لهم أن يتركوا من الساحة بقدر الطريق ويثبتون ما سوى ذلك لأنه لا حق له إلا في موضع الطريق .
فإن وقعت المنازعة بينهم في عرض ما يتركون له من الطريق جعلوه قدر عرض باب الدار لأن ذلك متفق عليه فيرد عليهم المختلف فيه ولأنه لا منفعة لصاحب الطريق في الزيادة على ذلك فإنه لا يحمل مع نفسه في الطريق إلا ما يتمكن من إدخاله في باب الدار ويتمكن لذلك في طريق عرضه مثل عرض باب الدار والله أعلم .
$ باب الدعوى في شيء واحد من وجهين $ قال رحمه الله ( دار في يد رجل ادعى رجل أن أباه مات وتركها ميراثا له منذ سنة جاء بشاهدين فشهدا أنه اشتراها من ذي اليد منذ سنتين لم تقبل هذه البينة ) لأن شرط قبول البينة تقديم الدعوى فإن حقوق العباد إنما يجب بقاؤها عند طلب صاحب الحق أو من يقوم مقامه وما شهد به شهوده لم يتقدم الدعوى به منه ولا يتمكن من أن يدعيه لأن دعواه الأول يناقض دعواه الثاني فإن بما ورثه عن أبيه منذ سنة لا يتصور أن يكون مشتريا له من ذي اليد منذ سنتين والتناقض يعدم ميراثا قد أكذب شهوده على الشراء فلهذا لا تقبل شهادتهم له وكذلك لو شهدوا بهبة أو صدقة له من ذي اليد منذ سنتين .
ولو كان المدعي ادعى أن ذي اليد تصدق بها عليه منذ سنة وشهد الشهود على الشراء منذ سنتين لم تقبل أيضا لأن بعد دعواه الأولى لا يمكنه دعوى الشراء منذ سنتين فلانعدام الدعوى أولا كذلك شهوده تمنع العمل بشهادتهم .
وكذلك لو ادعى الشراء أولا منذ سنة ثم أقام البينة على الصدقة منذ سنتين