القول في البيان قول صاحب الدار وعليه اليمين على جحوده دعوى صاحبه اعتبارا للصفة بالأصل وإن كانت الدار التي ادعى الطريق أو المسيل فيها بين الورثة فأقر بعضهم بالطريق والمسيل وجحد ذلك البعض لم يكن للمدعي أن يمر فيه ولا يسيل ماءه بقول بعضهم لأنه لا يتوصل إلى الانتفاع إلا بنصيب الجاحدين وإقرار المقر ليس بحجة في حقهم فلا يتمكن من التطرق أو بسيل الماء في نصيب المقر خاصة لأنه غير متميز عن نصيب شركائهوهذا بخلاف الإقرار بالملك فإن إقرار أحد الشركاء في نصيبه يجعل المقر أحق بنصيب المقر من حيث التصرف فيه والانتفاع به لتمكنه من ذلك في نصيب المقر على أن يكون قائما مقامه وقد ذكر في موضع آخر .
فإن وقع ذلك الموضع في نصيب المقر تطرق فيه المقر له ويسيل ماءه وإن وقع في نصيب غيره يضرب المقر له بالطريق أو المسيل في نصيب المقر بقدر ذلك ويضرب المقر بحصته سوى الطريق والمسيل فيكون بينهما على ذلك عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله .
وقال محمد رحمه الله إن كانت الورثة ثلاثة ضرب المقر بثلث المسيل وإنما أراد به إذا أقر له بملك الطريق أو المسيل وأصله فيما ذكر في كتاب الإقرار دار مشتركة بين اثنين أقر أحدهما ببيت بعينه لإنسان وسنذكر ذلك في موضعه في كتاب الإقرار إن شاء الله تعالى .
قال ( وإذا كان مسيل الماء في قناة فأراد أن يجعله ميزابا لم يكن له ذلك إلا برضاء أصل أهل الدار الذين عليهم المسيل ) وكذلك لو كان ميزابا فأراد أن يجعله قناة لم يكن له ذلك إلا برضاهم لأن في القناة الماء لا يفيض على وجه الأرض ولكنه مغور يسيل الماء في بطنه وفي الميزاب يسيل الماء على وجه الأرض فإذا أراد أن يجعل القناة ميزابا ففيه زيادة ضرر على أهل الدار بأن يفيض الماء في ساحة الدار وإذا أراد أن يجعل الميزاب قناة يحتاج إلى حفر ساحة الدار وفيه ضرر على صاحب الدار وإنما يثبت له من الحق قدرا معلوما فلا يكون له أن يلحق الضرر بهم في الزيادة إلا برضاهم وقيل هذا إذا لم يكن ذلك الموضع مملوكا له وإنما له حق تسييل الماء فيه فأما إذا كان الموضع مملوكا له فله أن يجعل القناة ميزابا والميزان قناة لأنه يتصرف في خالص ملكه فلا يمنعه منه ضرر يلحق جاره .
قال ( أرأيت لو جعل ميزابا أطول من ميزابه أو أعرض كان له ذلك ) لأنه إن جعله أطول كان انصباب الماء فيه من غير الموضع الذي كان حقه فيه وإن جعله أعرض ينصب الماء فيه أكثر مما هو حقه ولو أراد أن يسيل فيه ماء سطح آخر لم يكن له ذلك لأنه لم يكن لذلك السطح حق