يمين المدعي إذ لا يمين في جانب المدعي ولأنه جعل الفاصل للخصومة سببين بينة في جانب المدعي ويمينا في جانب المدعى عليه والشاهد واليمين ليست بينة ولا يمين المدعى عليه فكون إثبات طريق ثالث وهو مخالف لهذا الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم المدعي عام لم يدخله خصوص فالمدعي لا يستحق بنفس الدعوى ويستحق بالبينة في الخصومات كلها وقوله صلى الله عليه وسلم واليمين على المدعى عليه عام دخله خصوص وهو ما لا يجري فيه الاستحلاف من الحدود وغيرها .
قال ( وإذا كانت الدار في يدي رجل فادعى رجل كلها أو طائفة منها فالبينة على المدعي واليمين على من الدار في يديه ) ويحتاج هنا إلى معرفة أشياء أحدها أن الدعوى نوعان صحيحة وفاسدة فالصحيحة ما يتعلق بها أحكامها وهو احتضار الخصم والمطالبة بالجواب واليمين إذا أنكرو مثل هذه الدعوى يمكن إثباتها بالبينة والدعوى الفاسدة ما لا يتعلق بها للأحكام التي بيناها .
وفساد الدعوى بأحد معنيين إما أن لا يكون ملزما لخصم شيئا وإنما ثبتت كمن ادعى على غيره أنه وكيله أو أن يكون مجهولا في نفسه فالمجهول لا يمكن إثباته بالبينة فإن القاضي لا يتمكن من القضاء بالمجهول بينة المدعي ولا بنكول المدعى عليه ثم الدعوى الصحيحة لا توجب استحقاق المدعي للمدعى بنفسها فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم لكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه وفي رواية على من أنكر .
ولأن على القاضي تحسين الظن بكل واحد فلو جعلنا نفس الدعوى موجبة استحقاق المدعي للمدعى فيه إساءة الظن بالآخر وذلك لا يجوز ولكن على المدعي البينة لإثبات استحقاقه بها فيطالبه القاضي بذلك لا على وجه الإلزام عليه بل على وجه التذكير له فلعله يغفل عن ذلك وفيه نظر للآخر أيضا فإنه لو حلفه ثم أقام المدعي البينة افتضح باليمين الكاذبة فلهذا بدأ بطلب البينة من المدعي .
فإذا لم يكن له بينة فاليمين على ذي اليد لأنه منكر واليمين على من أنكر وهذه اليمين حق المدعي فإذا لم يكن له بينة فاليمين على ذي اليد وهذه حق لا يستوفى إلا بطلبه هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الحضرمي والكندي للمدعي منهما ألك بينة فقال لا قال عليه الصلاة والسلام لك يمين فقال يحلف ولا يبالي فقال صلوات الله عليه ليس لك إلا هذا شاهداك أو يمينه فذلك تنصيص على أن اليمين حق المدعي .
فإن ( قيل ) كيف يستحقها بنفس الدعوى .
( قلنا ) كما يستحق الإحضار والجواب وذلك ثابت بالنص قال الله تعالى ! < وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم > ! 48 الآية فقد ألحق الوعيد بمن امتنع من الحضور