قال لأن القتل حق لازم والموت ليس فيه حق لازم .
ومعنى هذا الكلام أن الابن بإثبات فعل القتل على القاتل يثبت لنفسه موجبه من قصاص أو دية فكانت بينته مثبتة وبينة المرأة على النكاح أيضا مثبتة للمهر والميراث لها فلما استويا في الإثبات وترجحت بينة الابن باتصال القضاء بها لم تقبل بينة المرأة بعد ذلك لأن القضاء النافذ لا يجوز إبطاله بطريق المعارضة فأما في الموت الابن لا يثبت لنفسه في إقامة البينة على تاريخ الموت حقا فإن الميراث مستحق له بالموت لا بالتاريخ فإنما بقي هو بتلك البينة النكاح بعده وبينة المرأة تثبت .
وقد بينا أن النافي من البينتين لا يعارض المثبت فيترجح بينتها ويتبين به بطلان الطلاق الأول كما إذا أثبت سبب إرث مقدم على ما قضى القاضي به .
يوضح الفرق أن القتل فعل يتعلق به حكم شرعا والفعل لا يتحقق من العبد إلا في زمان فكان الابن متمكنا من إثبات الفعل عليه في ذلك الزمان بالبينة لإثبات حكمه فأما الموت ليس بفعل من العبد يتعلق به حكم ليتمكن الابن من إثباته في زمان بالبينة وإنما يمكنه من إثبات الخلافة لنفسه بعد موته وفي ذلك لا فرق بين موته في وقت دون وقت ثم الأصل أن بعد المساواة في الإثبات إذا تيقن القاضي بالكذب في إحدى البينتين وقد اتصل القضاء بأحدهما فإنه يعين الكذب في الأخرى .
ألا ترى أنه لو قامت عليه بينة أنه تزوج هذه المرأة يوم النحر بملكة فقضى القاضي بها ثم شهد شاهدان آخران أنه تزوج هذه الأخرى يوم النحر في ذلك اليوم بخراسان لم تجز الشهادة الثانية لأنا نتيقن بكذب أحد الفريقين وقد ترجح جانب الصدق في البينة الأولى باتصال القضاء بها فيتعين الكذب في البينة الثانية فكذلك فيما تقدم من مسألة القتل والله أعلم .
$ باب طعن الخصم في الشاهد $ ( قال ) رحمه الله تعالى ( وإذا شهد شاهد أن لرجل حقا من الحقوق فقال المشهود عليه هما عبدان فإني لا أقبل شهادتهما حتى أعلم أنهما حران ) لأن الناس أحرار إلا في أربعة الشهادة والحدود والقصاص والعقل كذا مروى عن علي رضي الله عنه وتفسيره في الشهادة هذا وفي الحد إذا قذف إنسان ثم زعم القاذف أن المقذوف عبد فإنه لا يحد القاذف حتى يثبت المقذوف حريته بالحجة .
وفي القصاص إذا قطع يد إنسان ثم زعم القاطع أن المقطوعة يد عبد فإنه لا يقضي بالقصاص حتى يثبت حريته بالحجة وفي القتل إذا قتل إنسان خطأ وزعمت العاقلة أنه عبد فلان فإنه لا