إليه وإذا شهد الشهود بغير إقرار فهم لم يثبتوا للمدعي شيئا إذا لم يجيزوا المواريث إليه وهذا في الحقيقة إشارة إلى ما ذكرنا أن الإقرار موجب بنفسه والشهادة لا توجب شيئا بدون قضاء القاضي .
وإذا كانت الدار في يد رجل فأقام بن أخيه البينة أنها دار جده مات وتركها ميراثا لابن الابن وعمه ولا يعلمون له وارثا غيرهما وأن أباه مات وترك نصيبه منها ميراثا له لا يعلمون له وارثا غيره وإن أقام الآخر البينة أن أخاه مات قبل أبيه وأن أباه قد ورث منه السدس ثم مات أبوه فورثه هذا فإني أقبل شهادة شهود بن الأخ لأنه هو المدعي ومعنى هذا أنه هو يثبت الملك لنفسه في نصف الدار ببينته وذو اليد لا يثبت لنفسه شيئا عليه ولكن يبقى ببينته ما أثبت هو من نصف الدار لنفسه والبينات للإثبات لا للنفي .
يوضحه أنا إذا قبلنا بينة بن الأخ صار ذو اليد بها مقضيا عليه في نصف الدار وإذا قبلنا بينة ذي اليد لا يصير بن الأخ مقضيا عليه في شيء والقضاء يستدعي مقضيا عليه وكانت بينة بن الأخ أولى بذلك فإن كان لأب الغلام ميراث من تركة سوى الدار لم أقبل بينة واحد منهما على صاحبه لأن كل واحد منهما هنا يثبت لنفسه ببينته شيئا في يد بن الأخ وهو نصف الدار والآخر سدس تركه أخيه التي كانت في يد أبيه بطريق الميراث له من أبيه وكل واحد منهما يصير مقضيا عليه لو قبلنا بينة صاحبه عليه فاستويا من هذا الوجه والأصل أن كل أمرين ظهرا ولا يعرف التاريخ بينهما يجعل كأنهما وقعا معا .
ألا ترى أن الأب والابن إذا غرقا جميعا في سفينة أو وقع عليهما بيت ولا يعلم أيهما مات أولا لم يرث واحد منهما صاحبه فكذلك هنا لما تحققت المساواة بينهما في التاريخ جعلا كأنهما ماتا معا فيكون ميراث كل واحد منهما لابنه فلا يرث كل واحد منهما من صاحبه ولو أقام رجل البينة على ميراث رجل أنه مات يوم كذا وهو ابنه لا وارث له غيره وأقامت امرأة البينة أنه تزوجها يوم كذا بعد ذلك اليوم ثم مات بعد ذلك فإني آخذ ببينة المرأة لأنها تثبت المهر والميراث فلا بد من قبول بينتها على ذلك ثم بينتها طاعنة في بينة الابن على تاريخ الموت فمن ضرورة الحكم بصحة النكاح منه بعد ذلك الحكم بحياته .
ولو أقامت امرأة أخرى البينة بعد ما قضيت بموته في يوم وورثت امرأته أنه تزوجها بعد ذلك الوقت الذي ذكروا فيه موته قبلت ذلك أيضا لأن هذه الأخرى مدعية مثبتة المهر والميراث لنفسها ثم بينتها طاعنة في البينة الأخرى على تاريخ الموت .
ولو كان الوارث أقام البينة أن فلانا قتل أباه يوم كذا قضيت بذلك ثم أقامت المرأة البينة أنه تزوجها بعد ذلك اليوم ثم الفت إلى بينتها