معلوم وذلك صحيح لأنه يعمل لهم عملا معلوما وذلك العمل غير مستحق عليه ولا على القاضي فالقضاء يتم ببيان نصيب كل واحد من الشركاء والقسمة عمل بعد ذلك فلا بأس بالاستئجار عليه كالكتابة .
( ولا ينبغي له أن يكره الناس على قسامة خاصة ) لأن ذلك يلحق به تهمة المواضعة مع قسامه ولأنه إذا أكره الناس على ذلك يتحكم قسامه على الناس في الأجر وفيه ضرر عليهم وأيما قوم أصطلحوا على قسمة قاسم آخر جار بينهم بعد أن لا يكون فيهم صغير ولا غائب لأن الحق لهم وهم قادرون على النظر لأنفسهم فاصطلاحهم على قاسم آخر من جملة النظر منهم لأنفسهم .
وإن كان فيهم صغير أو غائب فهم يحتاجون إلى رأي القاضي في ذلك لأن الصغير والغائب عاجزان عن النظر لأنفسهما والقاضي ناظر لكل من عجز عن النظر لنفسه .
فإن أمرهم بالقسمة وفيهم صغير أو غائب فاستأجروا قساما غير قاسمه بأرخص من ذلك بعد أن يكون عدلا يعرفه القاضي جاز ويأمره أن يقسم بينهم لأنه إن لم يفعل هذا وألزمهم استئجار قاسمه يحكم عليهم في الأجر ثم أجر القاسم على الصغير والكبير والذكر والأنثى وصاحب النصيب القليل والكثير سواء في قول أبي حنيفة رحمه الله .
وعندهما الأجر عليهم على قدر الأنصباء وهذه مسألة كتاب القسمة وإن اتخذ القاضي جماعة من القسامين فذلك حسن ولكن الأولى أن لا يشرك بينهم فإنه أجدر أن لا يتحكموا على الناس لأنه إذا أشرك بينهم تواضعوا على شيء فتحكموا على الناس ولأنه إذا لم يشرك بينهم يؤمن عليهم الميل إلى الرشوة لأنه إن فعل ذلك أحدهم أظهره عليه صاحبه وإذا أشرك بينهم يفوت هذا المقصود .
وإن قاطعوا رجلا منهم على شيء بعينه لم يدخل بقسم معه في ذلك لأنه لا شركة بينهم وإذا شهد قاسمان على قسمة قسماها بين قوم بأمره بأن كل إنسان قد استوفى نصيبه جازت شهادتهما في قول أبي حنيفة .
وأبي يوسف الآخر رحمهما الله .
وفي قوله الأول لا تجوز شهادتهما وهو قول محمد رحمه الله لأنهما يشهدان على فعل أنفسهما ولأنهما في الحقيقة يدعيان إيفاء العمل الذي استؤجر عليه وأداء الأمانة في ذلك بإيصال نصيب كل واحد منهم إليه والدعوى غير الشهادة .
وجه قولهما أنهما لا يجران بهذه الشهادة إلى أنفسهما شيئا لأن الخصوم متفقون على أنهما قد وفيا العمل وأن العقد انتهى بينهم وبينهما ثم لا يشهدان على عمل أنفسهما لأن عملهما التمييز والمشهود به استيفاء كل إنسان نصيبه وذلك فعل المستوفى .
ولو شهد قاسم واحد على القسمة لم يجز لأن القاسم ليس بقاض والقاضي هو المخصوص بأن يكتفي بقوله في الإلزام فأما القاسم فيما يشهد به