ينبغي أن يكون أمينه .
قال رحمه الله وكان شيخنا الإمام رحمه الله يقول قد جرى الرسم في زماننا أن البواب على باب مجلس القضاء يأخذ من كل خصم قطعة ليمكنه من الدخول والقاضي يعلم ذلك ولا يمنعه منه وفيه فساد عظيم فليس لأحد أن يمنع أحدا من دخول المسجد ولا من أن يتقدم إلى القاضي في حاجته فهو يرتشي ليكف ظلمه عنه ويمكنه مما هو مستحق له والقاضي يعلم ذلك ولا يمنع منه فهو بمنزلة ما لو علم أن أمينه يشرب الخمر أو يزني على بابه فلا يمنعه عن ذلك .
وإن رأى أن يجعل الغرباء مع أهله المصر فعل وإن رأى أن يبدأ بهم فلا يضره ذلك بعد أن تكون الغرباء غير كثير فإن كثروا في كل يوم فشغلوه عن أهل المصر قدمهم على منازلهم مع الناس وقد بينا أن الغريب على جناح السفر فربما يضر التأخير به وقلبه مع أهله فإذا لم يقدمه القاضي ربما ترك حقه ورجع إلى أهله وقد أمر بتعاهد الغريب تعظيما لحق غربة رسول الله فلهذا كان له أن يقدم الغرباء ولكن بشرط أن لا يضر بأهل المصر ضررا فإنهم جيرانه وإنما يقلد القضاء لينظر في حوائجه .
فإذا كان تقديم الغرباء يضر بأهل المصر قدمهم على منازلهم عملا بقوله لا ضرر ولا ضرار في الإسلام .
( ولا بأس بأن يشهد القاضي الجنازة ويعود المريض ) فقد كان النبي والخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم بعده يفعلون ذلك ولأن هذا من حق المسلم على المسلم قال للمسلم على المسلم ستة حقوق وذكر في الجملة أن يشيع جنازته ويعوده إذا مرض .
ولا يمتنع عليه القيام بحقوق الناس عليه بسبب تقلده القضاء .
( ولا بأس بأن يجيب الدعوة الجامعة ) فذلك من السنة قال من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم .
( قال ) ( ولا تجب الدعوة الخاصة الخمسة والعشرة في مكان ) لأن ذلك يجر إليه تهمة الميل بأن يقول أحد الخصمين أن فلانا في دعوة فلان كلم القاضي وهو نائب عن خصمي وصانعه على رشوة ولأن إجابة الدعوة الخاصة مما يطمع الناس به في القاضي فعليه أن يحترز عن ذلك .
وأصح ما قيل في الفرق بين الدعوة الجامعة والخاصة أن كل ما يمتنع صاحب الدعوة من إيجاده إذا علم أن القاضي لا يجيبه فهو الدعوة الخاصة وإن كان لا يمتنع من إيجاده لذلك فهو الدعوة العامة لأنه عند ذلك يعلم أن القاضي لم يكن مقصودا بتلك الدعوة وإنما يمتنع من إجابة الدعوة الخاصة إذا لم يكن صاحب الدعوة ممن اعتاد إيجاد الدعوة له قبل أن يتقلد القضاء .
فإن كان ذلك من عادته قبل هذا فلا بأس بأن يجيب دعوته وإليه أشار في قوله