السواد فهو ضامن لما أفسد لأن بمطلق العقد يثبت له حق استيفاء المنفعة على الوجه المتعارف فإذا لم يجاوز ذلك لا يكون ضامنا وهذا لأن الفسطاط من المساكن وإدخال السراج والقنديل وإيقاد النار في المسكن متعارف لا بد للساكن منه ولكن إذا جاوز الحد المتعارف فهو متعدي فيما صنع فيكون ضامنا لما أفسد وكان عليه الكراء إذا كان ما بقى منه شيئا ينافي السكني فيه فإن كان دون ذلك فلا كراء عليه منذ يوم لزمه الضمان لانعدام تمكنه من الانتفاع به في بقية المدة .
وإن اشترط عليه صاحبه أن لا يوقد فيه ولا يسرج فليس له أن يوقد فيه ولا يسرج لأن هذا أضر من السكنى فيه من غير إسراج وقد استثناه صاحبه بالشرط والتقييد متى كان مفيدا فهو معتبر فإن فعل ذلك ضمن لأنه جاوز مااستحقه بالعقد وعليه الأجر لأنه استوفى المعقود عليه وإنما ضمن باعتبار الزيادة فلا يمنع ذلك تقرر الأجر باستيفاء المعقود عليه كالمستأجر للدابة إلى مكان إذا جاوز .
وإذا استأجر قبة تركية بالكوفة كل شهر بأجر معلوم ليستوقد فيها ويبيت فهو جائز ولا ضمان عليه إن احترقت من الوقود لأن الإيقاد فيها معتاد فلا يكون هو متعديا بالإيقاد فيها .
فإن بات فيها عبده أو ضيفه فلا ضمان لأنها من المساكن وقد بينا أن له أن يسكن ضيفه وعبده فيما سكن فيه هو وهذا لأنه لا ضرر على القبة بكثرة من يسكنها .
وإذا استأجر فسطاطا يخرج به إلى مكة فقعد وأعطاه أخاه فحج ونصب واستظل به فهو ضامن ولا أجر عليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله .
وقال محمد لا ضمان عليه وعليه الأجر لأن الفسطاط من المساكن وفي المسكن لا يتعين سكناه بنفسه لأن سكناه وسكنى غيره في الضرر على الفسطاط سواء فهو كتسليم البيوت .
( ألا ترى ) أنه لو أخرج الفسطاط فيه بنفسه ثم أسكن فيه غيره لم يضمن فلذلك إذا دفعه إلى غيره حتى يخرج به وهو نظير ما لو استأجر عبدا يخدمه في طريق مكة فاجره من غيره بخدمة لم يضمن وتفاوت الناس في الاستخدام والإضرار على الغلام أبين من التفاوت في السكنى في الفسطاط ثم لما لم يتعين هناك المستأجر للاستخدام فهذا أولى وجه قولهما أن الفسطاط يحول من موضع إلى موضع والضرر عليه يتفاوت بتفاوت مواضع النصب فإن نصبه في مهب الريح يخرقه ونصبه من موضع الندوة والنز يفسده فإذا كان هذا مما يتفاوت فيه الناس وبحبسه يختلف الضرر فكان التعيين معتبرا بمنزلة الدابة استأجرها ليركبها أو الثوب يستأجره ليلبسه هو .
فإذا دفعه إلى غيره صار مخالفا ضامنا ولا أجر عليه لأنه لم يستوف المعقود عليه وهذا بخلاف المسكن فإنه لا يحول من