واحترقت الدار فلا ضمان عليه لأن له أن يدخل النار ويعمل بها فعمله لا يتأتى بدونها ولا ضمان على رب الدار فيما احترق للسكان لأنه أدخل النار في ملكه ومن أوقد النار في ملكه لا يكون متعديا فيه فكذلك إذا فعل غيره بأمره والله أعلم بالصدق والصواب .
$ باب إجارة الفسطاط $ ( قال رحمه الله وإذا استأجر فسطاطا يخرج به إلى مكة ذاهبا وجائيا ويحج ويخرج من الكوفة في هلال ذي القعدة فهو جائز ) لأنه استأجر عينا منتفعا به وهو معتاد استئجاره والفسطاط من المساكن فاستئجاره كاستئجار البيت وكذلك الخيمة والكنيسة والرواق والسرادق والمحمل والجرب والجوالق والحبال والقرب والبسط فذلك كله منتفع به معتاد استئجاره فإن تكارى شيئا من ذلك ليخرج به إلى مكة ذاهبا وجائيا ولم يسم متى يخرج به فهو فاسد في القياس لأن وجوب التسليم إليه حين يخرج به وإذا لم يكن معلوما فربما تتمكن بينهما منازعة فيه والناس يتفاوتون فيه بالخروج إلى مكة فمن بين مستعجل ومؤخر .
ولكنه استحسن فقال وقت الخروج للحج من الكوفة معلوم بالعرف والمتعارف كالمشروط وهذا لأن المعتبر الوقت الذي تخرج فيه القافلة مع جماعة الناس ولا معتبر بالإقرار وذلك الوقت معلوم .
وإن تخرق الفسطاط من غير خلاف ولا عنف لم يضمن المستأجر لأن العين في يده أمانة فإن نقيضه يقرر حق صاحبه في الأجر وهو مأذون في استيفاء المنفعة على الوجه المعتاد فلا يكون ضامنا لما يتخرق منه إذا لم يجاوز ذلك .
وإن ذهب به ورجع فقال استغنيت عنه فلم استعمله فالأجر واجب عليه لأنه تمكن من الانتفاع به وذلك يقوم مقام الانتفاع به في تقرر الأجر عليه .
ولو انقطعت أطنابه وانكسر عموده فلم يستطع نصبه لم يكن عليه أجر لأنه لم يكن متمكنا من الانتفاع به والأجر لا يلزمه بدونه فالقول فيه قول المستأجر مع يمينه لأنهما اتفقا أنه لم يتمكن من استيفاء جميع المعقود عليه وأن الصفقة قد تفرقت عليه فالقول قول المستأجر في مقدار ما استوفى .
وكذلك لو احترق فقال المستأجر لم أستعمله إلا يوما واحدا فالقول قوله وليس عليه الكراء إلا مقدار ذلك لأنه منكر للزيادة ولو أسرج المستأجر في الفسطاط أو في الخيمة حتى اسود من الدخان أو احترق أو علق فيه قنديلا فإن كان صنع كما يصنع الناس فلا ضمان عليه .
وإن كان تعدى فيه أو اتخذه مطبخا أو أوقد فيه نارا حتى صار بمنزلة المطبخ من