الأجير المشترك ضامن لما جنت يده فإن كان أجير المشترك القصار فعل ذلك غير متعمد له فالضمان على القصار دون الأجير لأن الأجير له أجير خاص فلا يضمن إلا بالخلاف ولم يخالف ثم عمله كعمل الاستاذ .
( ألا ترى ) أن الأستاذ يستوجب به الأجر فيكون الضمان عليه وإن هلك الثوب عند القصار أو سرق فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما وقد بينا .
وروى عن محمد رحمه الله قال إذا وضع القصار السراج في الحانوت فاحترق به الثوب من غير فعله فهو ضامن لأن هذا مما يمكن التحرز عنه في الجملة وإنما الذي لا يضمن به الحرق الغالب الذي لا يمكن التحرز عنه ولا يتمكن هو من اطفائه وقال في الصباغ يصبغ الثوب أحمر فيقول رب الثوب أمرتك بأصفر فالقول قول رب الثوب لأن الإذن يستفاد من قبله وله أن يضمنه قيمة ثوبه أبيض وإن شاء أخذ ثوبه وضمن للصباغ ما زاد على العصفر في ثوبه لأنه بمنزلة الغاصب قيما صبغه به حين لم يثبت إذن صاحب الثوب له في ذلك .
وإن كان صبغه أسود فاختار أخذ الثوب لم يكن للصباغ عليه شيء عند أبي حنيفة رحمه الله خلافا لهما وقد بينا ذلك في الغصب .
قال أبو حنيفة رحمه الله في الملاح إذا أخذ الأجر فإن غرقت السفينة من ريح أو موج أو شيء وقع عليها أو جبل صدمته فلا ضمان على الملاح لأن التلف حصل من عمله وإن غرقت من مده أو معالجته أو جذفه فهو ضامن لأن هذا من جناية يده والملاح أجير مشترك وإن كان على الملاح الطعام وخلى بينه وبين الطعام فنقض فلا ضمان على الملاح عنده بعد أن يحلف لأنه أمين فالقول قوله مع يمينه ولا يضمن ما تلف بغير فعله وإن انكسرت السفينة فدخل الماء فيها فأسده فإن كان ذلك من عمل الملاح فهو ضامن له وإلا فلا شيء عليه عند أبي حنيفة .
وإن كان رب الطعام في السفينة أو وكيله فلا ضمان على الملاح في شيء من ذلك إلا أن يخالف ما أمر به ويصنع شيئا مما يتعمد فيه الفساد لأن المتاع في يد صاحبه والعمل يصير مسلما إليه بنفسه فيخرج من ضمان الملاح بخلاف ماذا لم يكن صاحب الطعام معه فالعمل هناك لا يصير مسلما وعلى هذا قالوا لو رد الموج السفينة إلى الموضع الذي حمل الطعام منه فإن لم يكن رب الطعام معه فلا أجر للملاح وإن كان رب الطعام معه في السفينة فله الأجر بقدر ما صار لأن العمل قد صار مسلما بنفسه ويقرر الأجر بحبسه .
فأما إذا خالف ما أمره به فهذا العمل لا يصير مسلما إلى صاحب الطعام بل يكون العامل فيه متعديا خاصا فيكون ضامنا لذلك وإذا حجم الحجام بأجر أو بزغ البيطار أو حقن الحاقن بأجر حرا أو عبدا بأمره أو بطأ قرحه فمات من ذلك فلا ضمان