استكراهما جميعا بعشرة دراهم فله دابتان بدينار وخمسة دراهم لأن جنس الأجر هنا مختلف فكل واحد منهما يثبت ببينته حقه فلا بد من قبول بينة قول كل واحد منهما بخلاف الأول فهناك جنس الأجر متحد وقد اتفق الشهود عليه فلا حاجة لرب الدابة إلى الإثبات ولكن المستأجر هو المحتاج إلى إثبات العقد في الدابة الأخرى وبينته تثبت ذلك وبينة رب الدابة تنفي فالمثبت أولى .
وإن ادعى المستأجر دابة واحدة وإن تكاراها إلى بغداد بدينار وأقام البينة وأقام صاحبها البينة أنه أكراها إياه إلى البصرة بعشرين درهما وقد ركبها إلى بغداد قضيت عليه بعشرين درهما ونصف دينار لأن جنس الأجر لما اختلف فلا بد من العمل بالبينتين وقد أثبت رب الدابة ببينة إلى البصرة بعشرين درهما وأثبت المستأجر ببينة العقد من البصرة إلى بغداد بنصف دينار فلهذا قضي بهما .
وإن ادعى المستأجر الإجارة وجحدها صاحب الدابة فشهد شاهد أنه استأجرها ليركبها إلى بغداد وشهد الآخر أنه استأجرها ليركبها ويحمل عليها هذا المتاع والمستأجر يدعي كذلك لم تجز الشهادة لاختلاف الشاهدين في مقدار المعقود عليه وإكذاب المدعي أحد شاهديه .
فإن ( قيل ) أليس أن الشاهدين اتفقا على الركوب لفظا ومعنى ويفرد أحدهما بالزيادة وهو حمل المتاع فينبغي أن يقضي بما اتفق عليه الشاهدان .
قلنا المعقود عليه منفعة الدابة لا عين الركوب فالركوب فعل الراكب وحمل المتاع كذلك فعله والمعقود عليه ملك رب الدابة وذلك يختلف باختلاف الشاهدين فيما شهد به فلا تتحقق الموافقة بينهما لفظا بخلاف الدرهم ونصف مع أن هذا إنما يكون قبل استيفاء المنفعة وقبل استيفاء المنفعة الحاجة إلى القضاء بالعقد فلا يتمكن منه مع اختلافهما .
وكذلك إن اختلفا في حمولتين لأن المدعي يكون مكذبا أحدهما لا محالة ولو ادعى أنه سلم ثوبا إلى صباغ وجحد الصباغ ذلك فشهد شاهد أنه دفع إليه ليصبغه أحمر بدرهم وقال الآخر ليصبغه أصفر فقد اختلفت الشهادة لاختلاف الشاهدين في المعقود عليه هو الوصف الذي يحدثه في الثوب والأصفر منه غير الأحمر فيكون المدعي مكذبا أحد الشاهدين والله أعلم بالصواب .
$ باب ما يضمن فيه الأجير $ قال رحمه الله ( رجل سلم إلى قصار ثوبا فدقه بأجر مسمى فتخرق أو عصره فتخرق أو جعل فيه النورة أو وسمه فاحترق فهو ضامن لذلك كله ) لأن هذا من جناية يده وقد بينا أن