يود مثله وجه قوله الآخر أن وجوب العشرة مقترن بعقد الصرف وما يجب بعقد الصرف إذا لم يقبض حتى افترقا بطل العقد كما لو تصارفا دينارا بعشرة دراهم مطلقا .
وبيان ذلك أن الأجر لم يجب بعقد الإجارة بالاتفاق قبل استيفاء العمل ولا سبب للوجوب بعده سوى الصرف فعرفنا أنه واجب بعقد الصرف والذي قال من أنه يقدم اشتراط التعجيل ليس بقوي لأن الحاجة إلى اشتراط التعجيل للمقاصة به لا لصحة عقد الصرف فعقد الصرف صحيح بدراهم في ذمته وأوان المقاصة بعد عقد الصرف فهب أن شرط التعجيل يثبت مقدما على المقاصة فإنما يكون ذلك بعد عقد الصرف أو معه وبدل الصرف لا يجوز أن يكون قصاصا بدين يجب بعده .
فإن ( قيل ) يجعل شرط التعجيل مقدما على عقد الصرف لأنه لا يمكن تحصيل مقصودهما وهو المقاصة إلا به .
قلنا إنما يقدم على العقد بطريق الإجبار ما هو من شرائط العقد ووجوب الأجر ليس من شرائط عقد الصرف بدليل أنه لو نقد العشرة في المجلس كان العقد صحيحا ثم لا يشتغل بالاحتيال لبقاء العقد صحيحا .
( ألا ترى ) أنه لو باعه عشرة وثوبا بعشرة وثوب وافترقا قبل القبض بطل العقد في الدراهم ولو صرفنا الجنس إلى خلاف الجنس لم يبطل ولكن قيل يحتال للتصحيح في الابتداء ولا يحتال للبقاء على الصحة والدليل عليه أن الأجرة إذا كانت بقرة بعينها فصارف بها دينارا وافترقا قبل قبض البقرة لم يصح ولو كان اشتراط التعجيل معتبرا في إبقاء العقد صحيحا لاستوى فيه العين والدين .
وأما مسألة الكفيل فبالكفالة كما وجب للطالب على الكفيل وجب للكفيل على الأصيل ولكنه مؤجل إلى أدائه والمصارفة بالدين المؤجل صحيح وقد بينا ها هنا أن الأجر لا يجب بنفس العقد عينا كان أو دينا فيبطل عقد الصرف بالافتراق قبل قبض الدراهم .
وإن مات قبل أن يوفيه العمل وقد حمله بعض الطريق أو لم يحمله فإنه يرد عليه من الدراهم بقدر ما لم يوفه من العمل وفي قوله الأول لأنه صار مستوفيا للأجر بطريق المقاصة فبقدر ما ينفسخ العقد فيه يلزمه رده وفي قوله الآخر الصرف باطل فعليه رد دينار .
وإن شرط في الأجل مدة معلومة فذلك صحيح واعتبار الأجل من حين يجب الأجر لأن الأجل يؤخر المطالبة ولا يتحقق ذلك قبل الوجوب .
وإن كان الأجر شيئا له حمل ومؤنة فلم يشترط له مكان الإيفاء في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله العقد فاسد وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله هو جائز وهو نظير اختلافهم في المسلم فيه وقد بيناه في البيوع .
فإن قيل أليس أن الأجر بمنزلة الثمن في البيع ولو كان الثمن