الواحد إذا فسد في بعض المعقود عليه فسد في الكل .
ولكنا استحسنا وجوزنا هذا لمعنيين ( أحدهما ) أنهم ميزوا البناء عن الأرض في هذه القسمة حين خالفوا بينهما في طريق القسمة فاعتبروا في الأرض المعادلة في المساحة وفي البناء المعادلة في القيمة فصار بمنزلة أرضين يقسم كل واحدة منهما قسمة على حدة وفي ذلك تصح القسمة في أحديهما قبل ظهور المساحة في الأخرى فكذلك هنا تجوز القسمة في الأرض قبل أن يظهر قيمة البناء .
( والثاني ) أن حكم القسمة في الأرض لا يتم بالمساحة ولكن يتوقف تمام القسمة فيها على معرفة قيمة البناء وقسمتها بالقيمة لا تتم القسمة إلا بعد ظهور المعادلة في الكل ومعرفة كل واحد من الشركاء نصيبه وإنما يعتبر حال تمام العقد .
وإذا كان يتم في المعلوم لم تضرهم الجهالة في الابتداء كما لو اشترى أحد الثياب الثلاثة على أنه بالخيار يأخذ أيهما شاء ويسمى لكل واحد ثمنا .
وإذا كانت الدار ميراثا بين قوم حضور كبار تصادقوا عند القاضي عليها وأرادوا القسمة بها فإن فعلوا ذلك عن تراضي منهم لم يمنعهم القاضي من ذلك لأن هذا تصرف منهم فيما بقي في أيديهم بطريق مشروع .
ولو تصرفوا في ذلك ببيع أو هبة لم يمنعوا منه فكذلك بالقسمة .
وإن سألوا القاضي أن يقسمها بينهم فإن أبا حنيفة قال القاضي لا يقسم العقار بينهم بإقرارهم حتى تقوم البينة على أصل الميراث .
وقال أبو يوسف ومحمد يقسمها بينهم ويشهد أنه قسمها بإقرارهم وقضى بذلك عليهم دون غيرهم لأن اليد فيها لهم ومن في يده شيء فقوله مقبول فيه ما لم يحضر خصم ينازعه في ذلك وليس هنا خصم ينازعهم فلا حاجة لهم إلى إقامة البينة لإثبات ملكهم فيها .
وإذا كان الملك ثابتا لهم بقولهم إنما سألوا القاضي أن يقسم بينهم ملكهم فعليه أن يجيبهم إلى ذلك كما لو زعموا أن الدار مملوكة لهم ولم يذكروا ميراثا ولا غيره وسألوه أن يقسمها بينهم قسمهم القاضي بطلبهم وأشهدوا أنه قضى بذلك عليهم دون غيرهم نظرا منه لغائب عسى يحضر فيدعي لنفسه فيها حقا فكذلك هنا .
والدليل عليه أنه لو كانت في أيديهم عروض أو منقول سوى العقار فأقروا أنها ميراث بينهم وطلبوا قسمتها قسمها القاضي بإقرارهم وأشهد على أنه قسمها بإقرارهم لاعتبار يدهم فكذلك في العقار لأن اليد تثبت على العقار كما تثبت على المنقول .
وكذلك لو كان في أيديهم دار فأقروا أنها دارهم اشتروها من فلان الغائب وسألوا القاضي قسمتها أجابهم القاضي إلى ذلك بهذا الطريق فكذلك في الميراث إذ لا فرق بينهما لأنهم في الموضعين أقروا بأصل الملك لغيرهم ثم أخبروا بانتقال الملك إليهم بسبب محتمل مشروع فإذا جاز له أن يعتمد القسمة