بالأخذ بالاستيفاء والملك فيه وهذا لا يوجد في حق الجار ولهذا لا يوجب الشفعة فيما لا يحتمل القسمة لأنه لا يدفع بالأخذ مؤنة القسمة عن نفسه ولهذا لا يوجب الشفعة في المنقولات أيضا لأنه متمكن من دفع مؤنة القسمة هناك ببيع نصيبه والبيع والشراء في المنقول معتاد في كل وقت فأما العقار فيتخذ لاستيفاء الملك فيه وليبقى ميراثا بالعاقبة فهو يحتاج إلى الأخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة المقاسمة عن نفسه وحجتنا في ذلك ما روينا من الإخبار ولا يعارضها ما رووا ففيها بيان أن للشريك شفعة ونحن نقول به وتخصيص الشيء بالذكر عندنا لا يدل على أن الحكم فيما عداه بخلافه ثم المراد بالشفعة بسبب الشركة فيما لم يقسم والمراد بيان أن مع الشريك الذي لم يقاسم لا مزاحمة لأحد في الشفعة الشفعة بل هو مقدم وبه نقول واللفظ المذكور في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق دليلنا أنه علق نفي الشفعة بالأمرين جميعا فذلك دليل على أنه إذا وقعت الحدود ولم تصرف الطرق بأن كان الطريق واحدا أن تجب الشفعة وعندكم لا تجب ثم معنى هذا اللفظ فلا شفعة بوقوع الحدود وصرف الطرق وكان الموضع موضع إشكال لأن في القسمة معنى المبادلة فربما يشكل أنه هل يستحق بها الشفعة فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يستحق الشفعة بالقسمة والمعنى فيه أنه متصل بالملك اتصال تأبيد وقرار فيثبت له حق الأخذ بالشفعة كالشريك وتحقيق هذا الكلام أن استحقاق الشفعة بالمجاورة دون الشركة فإن الشركة تتحقق في المنقولات ثم لا تجب الشفعة إلا في العقار فلا بد من معنى يظهر به الفرق بينهما وليس ذلك إلا أن الشركة في العقار تفضي إلى المجاورة لأنهما إذا اقتسما كانا جارين والشركة في المنقولات لا تفضي إلى المجاورة لأنهما إذا اقتسما لا يبقى بينهما مجاورة في الملك فإذا كان باعتبار الشركة التي تفضي إلى المجاورة يستحق الشفعة فتحقيقه المجاورة أولى وهذا لأن المقصود دفع ضرر المتأذى بسوء المجاورة على الدوام ولهذا لا يثبت لجار السكني كالمستأجر أو المستعير لأن جواره ليس بمستدام ولهذا لا يثبت في المنقول وضرر التأذي بسوء المجاورة على الدوام باتصال أحد الملكين بالآخر على وجه لا يتأتى الفصل فيه والناس يتفاوتون في المجاورة حتى يرغب في مجاورة بعض الناس لحسن خلقه وعن جوار البعض لسوء خلقه فلمكان أنه يتأذى بالجار الحادث يثبت له حق الأخذ بالشفعة لا لدفع ضرر مؤنة المقاسمة فإن ذلك لا يحتاج إليه في المنقولات ولا شفعة فيما إذا باع أحد الشركاء نصيبه وهنا بالأخذ تزداد مؤنة المقاسمة على الباقين وإنما يندفع عنهم