للجار الملاصق فأما الجار المحاذي فلا شفعة له بالمجاورة سواء كان أقرب بابا أو أبعد وإنما يعتبر قرب الباب في التقديم في الشفعة على ما روى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارين فإلى أيهما أبر قال صلى الله عليه وسلم إلى أقربهما .
منك بابا وهذا لأن إطلاعه وإطلاع أولاده على ما يدخل منزله من النعمة أكثر فهو بالهدية أحق وهذا تأويل ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الهدايا ابدءوا بجارنا اليهودي فأما في الشفعة فالمعتبر هو القرب واتصال أحد الملكين بالآخر وذلك في الجار الملاصق دون الجار المحاذي فإن بين الملكين طريقا نافذا وذكر عن علي وبن عباس رضي الله عنهما قالا لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم وهذا قول أهل المدينة وليس يأخذ به أهل الكوفة إلا أنه قد رجع إليه بن أبي ليلى فإنه كان في الابتداء يقضي بالشفعة للجار حتى كتب إليه أبو العباس المهدي يأمره بأن لا يقضي بالشفعة إلا لشريك لم يقاسم فأخذ بذلك لأنه كان عاملا له ونحن أخذنا بقول عمر رضي الله عنه فقد أثبت الشفعة للجارحين قال لبني عذرة أنتم شفعاؤنا في أموال اليهود في حديث طويل وأخذنا بالآثار المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحديث متى صح عنه كان حجة على كل صحابي رضوان الله عليهم ( والحاصل ) أن الشفعة عندنا على مراتب يقدم الشريك فيها في نفس المبيع ثم الشريك في حقوق المبيع بعده ثم الجار الملاصق بعدهما وعن بن أبي ليلى والشافعي لا تجب الشفعة إلا للشريك في نفس المبيع لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وحديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفعة فيما لم يقسم وإدخال الألف واللام في الكلام للمعهود فإن لم يكن فللجنس وليس هنا معهود ينصرف إليه فكان للجنس فيقتضي أن جنس الشفعة فيما لم يقسم وفي رواية إنما الشفعة فيما لم يقسم وإنما لتقرير المذكور ونفيه عما عداه قال الله تعالى ! < إنما الله إله واحد > ! فهو تنصيص على نفي الشفعة بعد القسمة والمعنى فيه أن هذا تملك المال بغير رضا المتملك عليه فيختص به الشريك دون الجار كالمتملك بالاستيلاد وملك أحد الجارين متميز عن ملك الآخر فلا يستحق أحدهما ملك الآخر بالشفعة كالجار المقابل وهذا لأن حق الأخذ بالشفعة لدفع ضرر مؤنة القسمة لأنه لو لم يأخذ طالبه المشتري بالقسمة فيلحقه بسببه مؤنة القسمة فالشرع مكنه من الأخذ بالشفعة ليدفع به ضرر مؤنة القسمة فيما لا طريق له لدفع ذلك إلا بأن يخرج عن ملكه