ليشتري بها شيئا فإن المدفوع إليه يكون وكيلا من جهة الدافع وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دفع إلى حكيم بن حزام أو إلى عروة البارقي رضي الله عنهما دينارا ليشتري له به أضحية فدل أن التوكيل جائز في البيع فكذلك في السلم لأن السلم نوع بيع على ما عرف وكذلك الناس تعاملوا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا التوكيل في البيع والسلم جميعا .
فإذا عرفنا هذا فنقول الوكيل في السلم كالعاقد لنفسه في حقوق العقد حتى تتوجه عليه المطالبة بتسليم رأس المال دون الموكل وكذلك حق قبض المسلم فيه عند حلول الأجل يكون للوكيل دون الموكل وهذا عندنا .
وعند الشافعي رحمه الله ذلك للموكل كله وعليه .
وأصل المسألة في البيع فإن حقوق العقد في البيع والشراء تتعلق بالوكيل عندنا .
وعند الشافعي رحمه الله بالموكل .
( قال ) ( لأن الوكيل سفير ومعبر عنه بمنزلة الرسول فإذا عقد العقد خرج من الوسط وصار في الحكم كأن الموكل عقده بنفسه ) ألا ترى أن ما هو حكم العقد وهو الملك يثبت للموكل دون الوكيل فكذلك في سائر أحكامه وشبه هذا بالوكيل بالنكاح فإنه لا يتوجه عليه المطالبة بالصداق ولا يكون له حق قبض المعقود عليه بل ذلك كله للموكل والجامع بينهما أن كل واحد منهما عقد معاوضة فتتعلق أحكامه بمن قصد تحصيله لنفسه دون من عبر عنه ولنا أن العاقد هو الوكيل وسبب تعلق حقوق العقد بالمرء مباشرته العقد وثبوت الحكم باعتبار السبب فإذا كان هو العاقد حقيقة وحكما تتعلق حقوق العقد به كما لو باشر العقد لنفسه وهذا لأن ولايته مباشرة العقد باعتبار أهليته وباعتبار كون ما هو ركن العقد وهو الكلام من خالص حقه وذلك لا يختلف بمباشرته لنفسه أو لغيره ونفوذه شرعا باعتبار ولايته الأصلية لا أن يثبت له بأمر الموكل إياه ولاية لم تكن ثابتة من قبل هذا لبيان أنه عاقد حقيقة وشرعا ومن حيث الحكم فلأنه مستغن عن إضافة العقد إلى الموكل ولو كان معبرا عنه لم يستغن عن ذكره عند العقد فثبت أنه عاقد حكما مباشر للعقد بخلاف الرسول فإنه عبارة عن مبلغ الأمر إلى من أرسل إليه ولا يستغنى عن الإضافة إليه وكذلك الوكيل بالنكاح فإنه لا يستغنى عن إضافة العقد إلى الموكل حتى لو قال تزوجتك كان النكاح له دون الموكل .
فأما حكم العقد وهو الملك ففيه طريقان ( أحدهما ) أنه يثبت للوكيل ثم ينتقل منه إلى الموكل من ساعته كما اتفقا عليه بالتوكيل السابق ومباشرته السبب تستدعي ثبوت الحكم إلا أنه يستقر له فيثبت أولا له