اختلفا في قيمة الهالك فينبغي أن يكون القول في قيمته قول البائع مع يمينه وإن اختلفا في قيمة الحي لتوزيع الثمن عليهما تحكم قيمته في الحال فإن كانت مثل ما يقوله البائع أو أقل فالقول قول البائع مع يمينه .
وإن كانت مثل ما يقوله المشتري أو أكثر منه فالقول قول المشتري مع يمينه وإن كانت فيما بين ذلك يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه فإذا حلفا اعتبرت قيمته في الحال لتوزيع الثمن عليهما .
وأما بيان قول أبي حنيفة فإنه يقول الصفقة صفقة واحدة والمقصود بالتحالف هو الفسخ فإذا تعذر ذلك بهلاك بعض المعقود عليه يجعل بمنزلة ما لو تعذر بهلاك الكل .
ألا ترى أنهما لو كانا قائمين لم يستقم ثبوت حكم التحالف والفسخ في أحدهما دون الآخر فكذلك بعد هلاك أحدهما بخلاف الرد بالعيب لأن العيب مما لا يمنع تمام الصفقة .
فإذا هلك أحدهما في يده ووجد بالآخر عيبا فرده يكون هذا تفريقا للصفقة قبل التمام وذلك لم يجز بخلاف ما نحن فيه فإن جهالة الثمن تمنع تمام الصفقة فلو قلنا فإنه يجوز رده يكون القول في الثمن قول المشترى إلا أن شاء البائع أن يأخذ الحي ولا يأخذ من ثمن الهالك شيئا فحينئذ يصير الهالك كأن لم يتناوله العقد وكأنه ما اشترى إلا القائم ثم عند ذلك يحلف المشتري بالله ما اشتراهما بألفين ثم يحلف البائع بالله ما باعهما بألف لأن من اشترى شيئين بألفين ثم حلف ما اشترى أحدهما بألف كان صادقا وكذلك من باع شيئين بألف ثم حلف ما باع أحدهما بخمسمائة كان صادقا فلهذا يجمع بينهما في التحالف .
( فإذا تحالفا رد العين ولا شيء للبائع على المشتري في الهالك من ثمن ولا قيمة ) لأنه قد أبرأه من ذلك حين رضي بأن يأخذ الحي فقط والله أعلم .
$ باب الوكالة في السلم $ ( قال ) ( وإذا وكل الرجل الرجل أن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلمها الوكيل بشروط السلم ودفع الدراهم من عنده فهو جائز ) لأن السلم عقد تمليك الآمر بمباشرته بنفسه فيجوز منه توكيل غيره به كبيع العين لأن الوكيل يقوم مقام الموكل في تحصيل مقصوده وهذا عقد يملك المأمور مباشرته لنفسه فيصح منه مباشرته لغيره بأمره كالبيع لأن العاقد باشر العقد بأهليته وولايته الأصلية سواء باشر لنفسه أو لغيره والأصل فيه قوله تعالى ! < فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة > ! 19 الآية ومن دفع إلى آخر دراهم