وهذا لأن الاستكثار من السمك يورث البرص الطافي وغيره سواء وإنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا للأحكام دون الطب وحرمة تناول الطافي مروى عن علي وبن عباس رضي الله تعالى عنهم حتى قال علي رضي الله تعالى عنه للسماكين لا تبيعوا الطافي في أسواقنا وقال بن عباس رضي الله تعالى عنهما أكل الطافىء حرام ولأنه حيوان مات بغير سبب فلا يؤكل كسائر الحيوانات بخلاف الجراد فموته لا يكون إلا بسبب على ما بينا أنه بحري الأصل برى المعاش فإن مات في البحر فقد مات في غير موضع معاشه وما مات في البر فقد مات في غير موضع أصله وهذا سبب لهلاكه فوز أنه لو مات السمك بسبب .
وقد بينا أن الموجب للحرمة من الآثار يترجح على الموجب للحل لقوله عليه الصلاة والسلام الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
ثم جميع أنواع السمك حلال الحريث والمارهيج وغيره في ذلك سواء ولا يؤكل من سوى السمك من حيوانات الماء عندنا .
وقال الشافعي رحمه الله تعالى يؤكل جميع ذلك وله في الضفدع قولان وفي الكتاب ذكر عن بن أبي ليلى رحمه الله تعالى قال لا بأس بصيد البحر كله وقيل الصحيح في مذهب بن أبي ليلى رحمه الله تعالى ما يؤكل جنسه من صيد البر يؤكل من صيد البحر وما لا يؤكل من صيد البر كالخنزير ونحوه لا يؤكل من صيد البر واستدل الشافعي رحمه الله تعالى بالآية والخبر وليس فيهما تقييد السمك من بين صيد الماء وميتاتها وفي حديث أبي سعيد الخدري رحمه الله تعالى قال كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم في سفر فأصابتنا مجاعة فألقى البحر لنا دابة يقال لها عنترة فأكلنا منها وتزودنا فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألناه عن ذلك فقال صلوات الله وسلامه عليه هل بقى عندكم شيء فتطعموني وحجتنا في ذلك قوله تعالى أو لحم خنزير ولم يفصل بين البري والبحري وسئل عليه الصلاة والسلام عن مخ الضفدع يجعل في الدواء فنهى عن قتل الضفادع وقال إنها خبيثة من الخبائث فإن ثبت بهذا الحديث أن الضفدع مستخبث غير مأكول فقيس عليه سائر حيوانات الماء ومن يقول يؤكل جميع صيد البحر دخل عليه أمر قبيح فإنه لا يجد بدا من أن يقول يؤكل إنسان الماء وهذا تشنع فعرفنا أن المأكول من المائي السمك فقط وإن المراد بقول الله تعالى ! < أحل لكم صيد البحر > ! 96 ما يؤخذ منه طريا ومن قوله تعالى وطعامه متاعا لكم المالح المقدد منه والصحيح من حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه فألقى لنا البحر حوتا يقال له عنبر وهو اسم للسمك وتأويل الرواية الأخرى أنه جوز لهم التناول لضرورة المجاعة أو كان ذلك قبل نزول قوله تعالى ! < ويحرم عليهم الخبائث > ! 157