ولأن أحد الأبوين ممن تحل ذبيحته فيجعل الولد تابعا له كما إذا كان أحد الأبوين مسلما والآخر مجوسيا وهذا لأن الصبي يقرب من المنافع ويبعد من المضار والنصرانية إذا قوبلت بالمجوسية فالمجوسية شر فكان اتباع الولد للكتابي أنفع للولد وإنما يترجح الموجب للحظر عند المساواة وقد انعدمت المساواة هنا فجعلنا الولد تابعا للكتابي منهما .
( قال ) ( فأما ذبيحة الصابئ وصيده يحل عند أبي حنيفة رحمه الله ويكره وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يحل .
وذكر الكرخي رحمه الله تعالى أنه لا خلاف بينهم في الحقيقة ولكن في الصابئين قوم يقرون بعيسى عليه السلام ويقرؤن الزبور فهم صنف من النصارى فإنما أجاب أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يحل ذبائح هؤلاء وفيهم من ينكر النبوات والكتب أصلا وإنما يعبدون الشمس وهؤلاء كعبدة الأوثان وإنما أجاب أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى في حق هؤلاء .
قال الشيخ الإمام رحمه الله تعالى وفيما ذكره الكرخي رحمه الله تعالى عندي نظر فإن أهل الأصول لا يعرفون في جملة الصابئين من يقر بعيسى عليه الصلاة والسلام وإنما يقرون بإدريس عليه الصلاة والسلام ويدعون له النبوة خاصة دون غيره ويعظمون الكواكب فوقع عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنهم يعظمونها تعظيم الاستقبال لا تعظيم العبادة كما يستقبل المؤمنون بالقبلة فقال تحل ذبائحهم .
ووقع عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنهم يعظمونها تعظيم العبادة لها فألحقناهم بعبدة الأوثان وإنما اشتبه ذلك لأنهم يدينون بكتمان الاعتقاد ولا يستحيون باظهار الاعتقاد ألبتة وإنما احتجاج أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أولى لأن عند الاشتباه يغلب الموجب للحرمة .
( قال ) ( ولا تؤكل السمكة الطافية فأما ما انحسر عنه الماء أو نبذه فلا بأس بأكله ) وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا بأس بأكل السمك الطافي واستدل بقوله تعالى ! < أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم > ! 96 قيل الطعام من السمك ما يوجد فيه ميتا وقال عليه الصلاة والسلام في البحر هو الطهور ماؤه والحل ميتته وقال صلوات الله وسلامه عليه أحلت لنا ميتتان ودمان الحديث وفي حديث أبان بن أبي عياش رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن أكل الطافي من السمك فلم ير به بأسا واعتبر السمك بالجراد بعلة أنه لا يشترط فيه الذكاة فيستوي موته بسبب وبغير سبب .
وحجتنا في ذلك حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما انحسر عنه الماء فكل وما طفا فلا تأكل .
ولا يقال هذا نهي إشفاق لما قيل إن الطافي يورث البرص