ثم فيما هو المقصود وهو الأكل التسمية فيه ندب وليس بحتم فهذا هو طريق إليه أولى والدليل عليه أنه تحل ذبائح اليهود والنصارى ولو كانت التسمية شرطا لما حلت ذبائحهم لأنهم وإن ذكروا اسم الله تعالى فإنهم يريدون غير الله وهو ما يتخذونه معبودا لهم لأن النصارى يقولون المسيح بن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا ونحن نتبرأ من إله له ولد وحجتنا في ذلك قوله تعالى ! < ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق > ! 121 ومطلق النهي يقتضي التحريم وأكد ذلك بحرف من لأنه في موضع النهي للمبالغة فيقتضي حرمة كل جزء منه والهاء في قوله تعالى ! < وإنه لفسق > ! 121 إن كان كناية عن الأكل فالفسق أكل الحرام وإن كان كناية عن المذبوح فالمذبوح الذي يسمى فسقا في الشرع يكون حراما كما قال الله تعالى ! < أو فسقا أهل لغير الله به > ! 145 وفي الآية بيان أن الحرمة لعدم ذكر الله تعالى لأن التحريم بوصف دليل على أن ذلك الوصف هو الموجب للحرمة كالميتة والموقوذة .
وبهذا يتبين فساد حمل الآية على الميتة وذبائح المشركين فإن الحرمة هناك ليست لعدم ذكر الله تعالى حتى أنه وإن ذكر اسم الله تعالى لم يحل وقال تعالى ! < فاذكروا اسم الله عليها صواف > ! 36 يعني عند النحر بدليل قوله تعالى ! < فإذا وجبت جنوبها > ! 36 أي سقطت وقال بن عباس رضي الله تعالى عنه في تفسير الآية ذكر اسم الله تعالى أن يقول عند الطعن بسم الله والله أكبر وقال الله تعالى ! < فكلوا مما أمسكن عليكم > ! 4 الآية والمراد التسمية عند الإرسال فثبت بهذين النصين أن التسمية مأمور بها ومطلق الأمر الوجوب وهي من شرائط الحل ثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله تعالى فكل والمعطوف على الشرط شرط وأكد ذلك بقوله وإن شارك كلبك كلب آخر فلا تأكل فأنت إنما سميت على كلبك ولم تسم على كلب غيرك .
فعلل للحرمة بأنه لم يسم علي كلب غيره فهو دليل الحرمة إذا لم يسم علي كلب نفسه وشيء من المعنى يشهد له فإن ذبيحة الكتابي تحل وذبيحة المجوسي لا تحل وليس بينهما فرق يعقل معناه بالرأي سوى من يدعي التوحيد يصح منه تسمية الله على الخلوص .
ومن يدعى الاثنين لا يصح منه تسمية الله تعالى على الخلوص .
فبه يتبين أن التسمية من شرائط الحل أو إنما أمرنا ببناء الحكم في حق أهل الكتاب على ما يظهرون دون ما يضمرون .
ألا ترى أن تسمية غير الله تعالى على سبيل التعظيم موجبة للحرمة لقوله تعالى ! < وما أهل به لغير الله > ! 173 فلو اعتبرنا ما يضمرون لم تحل ذبيحتهم وكذلك يستحلفون في المظالم بالله والاستحلاف بغير الله لا يحل