فهو مال متقوم يجوز بيعه والنهي إن ثبت محمول على أنه كان في الابتداء .
( قال ) ( وصيد الكلب المعلم وما أشبهه من الجوارح من السباع وغيرها يرسله المسلم أو الكتابي ويسمي عليه فيأخذه ويقتله جائز حلال ) وإنما يشترط أن يكون المرسل مسلما أو كتابيا لأن الاصطياد في كونه سببا للحل كالذبح والأهلية للذابح شرط لحل الذبيحة فكذا في الاصطياد .
وقد ذكرنا فيما سبق شرائط الاصطياد ودخل هذا الشرط في جملة ما ذكرنا دلالة وإن لم يدخل نصا لأنا شرطنا تسمية الله تعالى على الخلوص وإنما يتحقق ذلك عمن يعتقد توحيده جلت قدرته أو يظهر ذلك وهو مسلم أو كتابي فأما المجوسي يدعي الهين فلا يصح منه تسمية الله تعالى على الخلوص فلهذا لا يحل ذبيحة المجوسي وصيده .
( قال ) ( وإذ ترك التسمية عامدا حرم به الصيد والمذبوح عندنا ولم يحرم عند الشافعي رحمه الله والمسلم والكتابي في ذلك سواء ) وإن ترك ناسيا لم يحرم عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى وأصحاب الظواهر يحرم وهو قول بن عمر رضي الله عنهما وكان علي وبن عباس رضي الله تعالى عنهما يفصلان بين العامد والناسي كما هو مذهبنا وقد كانوا مجمعين على الحرمة إذا ترك التسمية عامدا وإنما يختلفون إذا تركها ناسيا وكفى بإجماعهم حجة ولهذا قال أبو يوسف رحمه الله متروك التسمية عامدا لا يسوغ فيه الاجتهاد ولو قضى القاضي بجواز البيع فيه لا يجوز قضاؤه لأنه مخالف للإجماع فالشافعي رحمه الله تعالى استدل بحديث البراء بن عازب وأبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم يذبح على اسم الله سمى أو لم يسم وفي رواية قال ذكر اسم الله تعالى في قلب كل مسلم وكون الذكر في قلبه في حالة العمد أظهر منه في حالة النسيان ولما سئل بن عباس رضي الله عنهما عن متروك التسمية ناسيا قال يحل تسمية ملته وفي إقامة الملة مقام التسمية لا فرق بين النسيان والعمد وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت إن الأعراب يأتوننا بلحوم فلا ندري أسموا أم لم يسموا فقال عليه الصلاة والسلام سموا أنتم وكلوا .
فلو كان التسمية من شرائط الحل لما أمرها بالأكل عند وقوع الشك فيها ولأن التسمية لو كانت من شرائط الحل كانت مأمورا بها وفي المأمورات لا فرق بين النسيان والعمد كقطع الحلقوم والأوداج وكالتكبير والقراءة في الصلاة إنما يقع الفرق في المزجورات كالأكل والشرب في الصوم لأن موجب النهي الانتهاء والناسي يكون منتهيا اعتقادا فأما موجب الأمر الائتمار والتارك ناسيا أو عامدا لا يكون مؤتمرا ولأنه استصلاح الأكل فكانت التسمية فيه ندبا لا حتما كالطبخ والخبز