ويترادان الفضل .
فإن غصب فضة فضربها دراهم أو صاغها إناء فعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله هذا والحديد والصفر سواء لأن الاسم تبدل بصنعة الغاصب وكذلك الحكم فإن البقرة لا تصلح رأس مال الشركة والمضاربة والدراهم تصلح لذلك ولا معتبر بالتمكن من الإعادة فإن هذا موجود في الحديد والصفر ثم جعل هناك الثاني غير الأول وجعل الإناء حادثا بعمل الغاصب فهذا مثله وأبو حنيفة رحمه الله يقول هنا للمغصوب منه أن يأخذها ولا أجر للغاصب وعلل فقال لأنه فضة بعينها لا تخرج من الوزن بخلاف الحديد والصفر وبهذا الحرف يستدل الكرخي في تقسيم الجواب هناك .
ثم معنى هذا التعليل أن اسم العين لا يتبدل لأن اسم العين هو الذهب والفضة وهو يبقى بعد الصنعة إنما يتبدل اسم الصنعة فإن الدراهم والدنانير اسم الصنعة وكذلك حكم العين باق فإن حكم العين أنه موزون ويجرى فيه الربا بعلة الوزن وتجب الزكاة فيه باعتبار العين فأما صلاحية رأس مال الشركة والمضاربة فهو حكم الصنعة لا حكم العين ولهذا يقول ما لا يتفاوت من الفلوس الرائجة في هذا الحكم كالذهب والفضة فإذا بقي اسم العين وحكم العين كان ذلك دليل بقاء العين المغصوب وإن تعذر على المغصوب منه أخذه إنما يتعذر للصنعة ولا قيمة للصنعة في هذه الأموال منفردة من الأصل وبه فارق الحديد والصفر فإن الصنعة هناك تخرجها من الوزن ومن أن تكون مال الربا وللصنعة في غير مال الربا قيمة مع أن اسم العين وحكمه قد تبدل هناك كما قررنا .
وإن غصب حنطة فاستهلكها ثم باعه بها شعيرا أو غيره مما يكال أو يوزن أو من العروض قبل القبض فلا بأس به يدا بيد لأن الواجب مثل الحنطة في ذمته وبيع الحنطة بالشعير جائز كيفما كان ولو كانت الحنطة عينا فكذلك إذا كان ذلك دينا إلا أن الدين بالدين حرام فيشترط قبض ما يقابلها في المجلس فلا تنعدم الدينية من الجانبين .
وكذلك إن أقرضه طعاما فله أن يأخذ ما بدا له بخلاف البيع والسلم يريد به أن الاستبدال بالمبيع قبل القبض لا يجوز والمسلم فيه في حكم المبيع فأما بدل القرض والغصب ليس في حكم المبيع حتى يجوز إسقاط القبض فيه أصلا في الإبراء فكذلك في الاستبدال به كالثمن في البيع .
وإذا غصب رجل دابة من رجل فأقام صاحبها البينة أنها نفقت عند الغاصب وأقام الغاصب البينة أنه قد ردها إليه وأنها نفقت عنده فلا ضمان عليه وقد بينا خلاف أبي يوسف في هذه المسألة وأن بينة المغصوب منه بطريق استصحاب الحال وبينة الغاصب وافقت على أمر هو حادث وهو الرد