على خبره أنه أكرم ضيفه ولم علم أنه ملكه ربما لم يأكله وحمله إلى عياله فأكله معهم فلدفع الضرر عنه بقي الضمان على الغاصب وحجتنا في ذلك أن الواجب على الغاصب نسخ فعله وقد تحقق ذلك أما من حيث الصورة فلأنه وصل إلى يد المالك وبه ينعدم ما كان فائتا .
.
ومن حيث الحكم فلأنه صار به متمكنا من التصرف حتى لو تصرف فيه نفذ تصرفه غير أنه جهل بحاله وجهله لا يكون مبقيا للضمان في ذمة الغاصب مع تحقق العلة المسقطة كما أن جهل المتلف لا يكون مانعا من وجوب الضمان عليه مع تحقق الإتلاف إذا كان يظن أنه ملكه .
وقد بينا أن الغرور بمجرد الخبر لا يوجب حكما إنما المعتبر ما يكون في ضمن عقد ضمان ولم يوجد ذلك فإن الغاصب المضيف ما شرط لنفسه عوضا ولأن أكثر ما في الباب أن لا يكون فعل الغاصب هو الرد المأمور به ولكن تناول المغصوب منه عين المغصوب كاف في إسقاط الضمان عن الغاصب ألا ترى أنه لو جاء إلى بيت الغاصب وأكل ذلك الطعام بعينه وهو يظن أنه ملك الغاصب بريء الغاصب من الضمان فكذلك إذا أطعمه الغاصب إياه .
وإن كان الغاصب قد نبذ التمر ثم سقاه فهو ضامن للتمر لأنه بدل العين بما صنع وتقرر ضمان التمر في ذمته فسقي النبيذ إياه لا يكون ردا للعين المغصوب منه ولا أداء الضمان .
وكذلك كل ما يشبهه كالدقيق إذا خبزه ثم أطعمه أو اللحم إذا شواه ثم أطعمه .
( قال ) ( وكذلك إذا غصب حديدا فجعله درعا فهو ضامن لحديد مثله وإن لم يقدر على ذلك ضمن قيمته ) .
وكذلك إذا غصب صفرا فجعله كوزا لأنه غيره عن حاله وصار الغاصب مستهلكا وهذا الحادث حادث بفعل الغاصب لتبدل العين صورة ومعنى واسما وحكما ومقصودا فلهذا لا سبيل له على المصنوع وكان الكرخي يقول هذا إذا كان بعد الصنعة لا يباع وزنا أما إذا كان يباع وزنا ينبغي أن يكون للمغصوب منه حق أخذ المصنوع إن شاء عند أبي حنيفة رحمه الله كما في البقرة لبقاء حكم الربا والأصح أن الجواب مطلق لأن اسم العين قد تبدل بصنع الغاصب بخلاف القلب على ما نبينه فإن كسر صاحب الصفر الكوز بعد ما ضمن له الغاصب قيمة صفره فعليه قيمة الكوز صحيحة لأن الكوز مملوك للغاصب وهو ملك محترم فيكون المغصوب منه الصفر في كسره كغيره وكذلك إن كسره قبل أن يقضي له بالقيمة لأن الكوز مملوك لأنه كان حادثا بعمله فيكون الحال قبل القضاء بالقيمة وبعده سواء في حقه إلا أنه يحاسبه بما عليه لأن المغصوب منه استوجب عليه قيمة الصفر والغاصب استوجب عليه قيمة الكوز فيتقاصان