النسج لا يتصور إعادته إلى الحالة الأولى فإذا ثبتت المغايرة بينهما فمن ضرورة حدوث الثاني انعدام الأول لاستحالة أن يكون الشيء الواحد شيئين ثم هذا حادث بعمل الغاصب فكان مملوكا له والأول صار مستهلكا بعمله فصار ضامنا له .
فأما القطن إذا غزله فالصحيح من الجواب أنه ينقطع حق المالك أيضا وإليه أشار في كتاب الدعوى حيث سوى بين القطن إذا غزله وبين الغزل إذا نسجه ومن أصحابنا رحمهم الله من فرق بينهما فقال القطن غزل لأنه خيوط رقيقة يبدو ذلك لمن أمعن النظر فيه ويتحقق ذلك في الإبرسيم فالغزل إحداث المجاورة بينهما وليس بتركيب وتأليف وبإحداث المجاورة لا تتبدل العين ولهذا بقي موزونا يجري فيه الربا كما كان قبله بخلاف الغزل إذا نسجه .
ولو غصب ساجة فجعلها بابا أو حديدا فجعله سيفا ضمن قيمة الحديد والساجة وجميع ذلك للغاصب عندنا .
وكذلك لو غصب ساجة أو خشبة وأدخلها في بنائه أو آجرا فأدخله في بنائه أو جصا فبنى به فعليه في كل ذلك قيمته عندنا وليس للمغصوب منه نقض بنائه وعلى قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى في هذه الفصول لا ينقطع حق صاحبها فزفر مع الشافعي رحمهما الله في هذا النوع لأن الحادث زيادة وصف من غير أن يكون الأول مستهلكا بخلاف ما تقدم .
وبيان هذا ما ذكر في الجامع إذا اشترى حنطة فطحنها أو غزلا فنسجه ثم زاد البائع في الثمن لم يجز ولو اشترى ثوبا فقطعه وخاطه ثم زاد في الثمن يجوز فوجه قولهم في ذلك أن الغاصب قادر على رد عين المغصوب من غير إيلام حيوان فيجب رده كالساجة إذا بنى عليها وتأثير هذا الكلام أن العين باق والرد جائز شرعا فإن بالاتفاق لو رده الغاصب جاز ولو صبر المغصوب منه حتى نقض الغاصب البناء والخياطة كان له أن يأخذه فدل أن العين باق ورده عين المغصوب مستحق شرعا فما دام الرد جائزا يبقى ذلك الاستحقاق بحاله بخلاف ما إذا غصب خيطا وخاط به بطن نفسه أو بطن عبده أو لوحا وأصلح به سفينة والسفينة في لجة البحر فإن ذلك لا يجوز رده لما فيه من إيلام الحيوان ونقض البنية وذلك محرم شرعا ومن ضرورة عدم جواز الرد انعدام استحقاق الرد شرعا .
وحجتنا في ذلك أن العين ملك المغصوب منه وما اتصل به من الوصف متقوم حقا للغاصب وسبب ظلمه لا يسقط قيمة ما كان متقوما من حقه كما في الثوب إذا صبغه بصبغ نفسه إلا أن هناك الصبغ متقوم بنفسه فيمكن إبقاء حق صاحب الثوب في الثوب مع دفع الضرر عن الغاصب بإيجاب قيمة