وإجازته في الانتهاء بمنزلة إذنه في الابتداء .
فإن قيل كيف يضمنها له وقد تصدق بها بإذن الشرع .
قلنا الشرع أباح له التصدق بها وما ألزمه ذلك ومثل هذا الإذن مسقط للإثم عنه غير مسقط لحق محترم للغير كالإذن في الرمي إلى الصيد والإذن في المشي في الطريق فإنه يتقيد بشرط السلامة وحق صاحب هذا المال مرعي محترم فلا يسقط حقه عن هذا العين بهذا الإذن فله أن يضمنه أن شاء والإذن هنا دون الإذن لمن أصابته مخمصة في تناول ملك الغير وذلك غير مسقط للضمان الواجب لحق صاحب المال وذكر عن بن مسعود رضي الله عنه أنه اشترى جارية بسبعمائة درهم أو بثمانمائة درهم فذهب صاحبها فلم يقدر عليه فخرج بن مسعود رضي الله عنه بالثمن في صرة فجعل يتصدق بها ويقول لصاحبها فإن أبى فلنا وعلينا الثمن فلما فرغ قال هكذا يصنع باللقطة وفي هذا اللفظ بيان أن الملتقط له أن يتصدق بها بعد التعريف على أن يكون ثوابها لصاحبها إن أجاز وإن أبى فله الضمان على المتصدق .
وليس مراد بن مسعود رضي الله عنه من هذا أن حكم الثمن الواجب عليه حكم اللقطة من كل وجه وكيف يكون ذلك والثمن دين في ذمته وما تصدق به من الدراهم خالص ملكه فأما عين اللقطة فمملوكة لصاحبها والملتقط أمين فيها فعرفنا أن هذا ليس في معنى اللقطة ولا يقال لعله كان اشتراها بمال معين لأنه صح من مذهبه أن النقود لا تتعين في العقد ولو تعينت فهي مضمونة على المشتري فعرفنا أنه ليس كاللقطة من كل وجه وأنه بالتصدق ما قصد إسقاط الثمن عن نفسه بل قصد إظهار المجاملة في المعاملة واتصال ثوابها إلى صاحبها إن رضي بصنيعه وإلا فالثمن دين عليه كما كان .
وعن أبي سعيد مولى أسيد قال وجدت خمسمائة درهم بالحرة وأنا مكاتب فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال اعمل بها وعرفها فعملت بها حتى أديت مكاتبتي ثم أتيته فأخبرته بذلك فقال ادفعها إلى خزان بيت المال وفي هذا دليل أن للإمام ولاية الإقراض في اللقطة والدفع مضاربة لأن قول عمر رضي الله عنه اعمل بها وعرفها إما أن يكون بطريق المضاربة أو الإقراض مضاربة وقد علمنا أنه لم يرد المضاربة حتى لم يتبين نصيبه من الربح فكان مراده الإقراض منه وفي هذا معنى النظر لصاحب المال لأنه يعرض للهلاك فيهلك من صاحبه قبل الإقراض وبعد