.
فأما ( النوع الثاني ) وهو ما يعلم أن صاحبه يطلبه فمن يرفعه فعليه أن يحفظه ويعرفه ليوصله إلى صاحبه وبدأ الكتاب به ورواه عن إبراهيم قال في اللقطة يعرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها فإن جاء صاحبها فهو بالخيار إن شاء أنفذ الصدقة وإن شاء ضمنه وما ذكر هذا على سبيل الاحتجاج بقول إبراهيم لأن أبا حنيفة رحمه الله كان لا يرى تقليد التابعين وكان يقول هم رجال ونحن رجال ولكن ظهر عنده أن إبراهيم فيما كان يفتي به يعتمد قول علي وبن مسعود رضي الله عنهما فإن فقه أهل الكوفة دار عليهما وكان إبراهيم أعرف الناس بقولهما فما صح عنه فهو كالمنقول عنهما فلهذا حشا الكتاب من أقاويل إبراهيم وفي هذا الحديث بيان أن الملتقط ينبغي له أن يعرف اللقطة والتقدير بالحول ليس بعام لازم في كل شيء وإنما يعرفها مدة يتوهم أن صاحبها يطلبها وذلك يختلف بقلة المال وكثرته حتى قالوا في عشرة دراهم فصاعدا يعرفها حولا لأن هذا مال خطير يتعلق القطع بسرقته ويتملك به ماله خطر والتعريف لإيلاء العذر والحول الكامل لذلك حسن قال القائل إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر وفيما دون العشرة إلى ثلاثة يعرفها شهرا وفيما دون ذلك إلى الدرهم يعرفها جمعة وفي دون الدرهم يعرف يوما وفي فلس أو نحوه ينظر يمنة ويسرة ثم يضعه في كف فقير وشيء من هذا ليس بتقدير لازم لأن نصب المقادير بالرأي لا يكون .
ولكنا نعلم أن التعريف بناء على طلب صاحب اللقطة ولا طريق له إلى معرفة مدة طلبه حقيقة فيبني على غالب رأيه ويعرف القليل إلى أن يغلب على رأيه أن صاحبه لا يطلبه بعد ذلك فإذا لم يجيء صاحبها بعد التعريف تصدق بها لأنه التزم حفظها على مالكها وذلك باتصال عينها إليه إن وجده وإلا فباتصال ثوابها إليه وطريق ذلك التصدق بها فإن جاء صاحبها فهو بالخيار إن شاء ضمنه لأنه تصدق بماله بغير إذنه وذلك سبب موجب للضمان عليه وإن شاء أنفذ الصدقة فيكون ثوابها له