القاضي أن ينفق عليه على أن يكون ذلك دينا عليه فهو جائز وهو دين عليه لأن القاضي نصب ناظرا ومعنى النظر فيما أمر به فإنه إذا لم يكن في بيت المال مال وأبى الملتقط أن يتبرع بالإنفاق فتمام النظر بالأمر بالأنفاق عليه لأنه لا يبقي بدون النفقة عادة وللقاضي عليه ولاية الإلزام لأنه ولى كل من عجز عن التصرف بنفسه يثبت ولايته بحق الدين ومن وجه هذه الولاية فوق الولاية الثابتة بالأبوة فلهذا اعتبر أمره في إلزام الدين عليه وقد قال بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى مجرد أمر القاضي بالإنفاق عليه يكفي ولا يشترط أن يكون دينا عليه ولأن أمر القاضي نافذ عليه كأمره بنفسه أن لو كان من أهله ولو أمر غيره بالإنفاق عليه كان ما ينفق دينا عليه فكذلك إذا أمر القاضي به والأصح ما ذكره في الكتاب أن يأمره على أن يكون دينا عليه لأن مطلقه محتمل قد يكون للحث والترغيب في إتمام ما شرع فيه من التبرع فإنما يزول هذا الاحتمال إذا اشترط أن يكون دينا له عليه فلهذا قيد الأمر به فإذا ادعى بعد بلوغه أنه أنفق عليه كذا وصدقة اللقيط في ذلك رجع عليه به وإن كذبه فالقول قول اللقيط وعلى المدعي البينة لأنه يدعى لنفسه دينا في ذمته وهو ليس بأمين في ذلك وإنما يكون أمينا فيما ينفي به الضمان عن نفسه فلهذا كان عليه إثبات ما يدعيه بالبينة وشهادة اللقيط بعد ما أدرك جائزة إذا كان عدلا لأنه حر مسلم فيكون مقبول الشهادة في الأمور كلها إذا ظهرت عدالته وكان مالك يقول لا تقبل شهادته في الزنى لأنه في الناس متهم بأنه ولد الزنى فيعير بذلك فربما يقصد بشهادته إلحاق عار الزنى بغيره ليسويه بنفسه ولكن هذا ضعيف فإن الزاني بعد ظهور توبته مقبول الشهادة في الزنى والسارق كذلك ثم تهمة الكذب كما تنفي عنه في سائر الشهادات بترجح جانب الصدق عند ظهور عدالته فكذلك في الشهادة بالزنى وجنايته والجناية عليه وحدوده كغيره من الأحرار المسلمين لأنه محكوم بحريته باعتبار الظاهر كما قررنا رجل التقط لقيطا فادعى رجل أنه ابنه صدقته استحسانا وثبت نسبه منه ألا ترى أن الذي التقط لو ادعاه يثبت نسبه منه والقياس والاستحسان في الفصلين أما الملتقط إذا ادعاه في القياس لا يصدق لأنه مناقض في كلامه فقد زعم أنه لقيط في يده وابنه لا يكون لقيطا في يده ولأنه يلزمه النسبة إليه إذا بلغ وليس له عليه ولاية الإلزام وفي الاستحسان هو يقر له بما يحتاج إليه اللقيط فإنه محتاج إلى النسب ليتشوف به ويندفع العار عنه فهو في هذا الإقرار يكتسب له ما ينفعه وبالالتقاط ثبت له عليه هذا المقدار يوضحه