فلهذا كان اللقيط حرا وفي حديث آخر أن عليا رضي الله عنه فرض له وهذا يدل على أن نفقة اللقيط في بيت المال لأنه عاجز عن الكسب محتاج إلى النفقة ومال بيت المال معد للصرف إلى المحتاجين وفي حديث آخر أن عليا رضي الله عنه قال ولاؤه وعقله للمسلمين وهو المذهب أن عقل جنايته على بيت المال لأنه لو مات وترك مالا كان ماله مصروفا إلى بيت المال ميراثا للمسلمين فكذلك عقل جنايته ونفقته على بيت المال لأن الغنم مقابل بالغرم وهو مروي عن عمر رضي الله عنه أيضا قال اللقيط حر وولاؤه وعقله للمسلمين وذكر في حديث الزهري رضي الله عنه عن سنين أبي جميلة قال وجدت منبوذا على بابي فأتيت به عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه عسى الغوير أبؤسا هو حر ونفقته علينا ومعنى المنبوذ المطروح قال تعالى ! < فنبذوه وراء ظهورهم > ! 187 وهو الاسم الحقيقي للموجود لأنه مطروح وإنما سمى لقيطا باعتبار مآله وتفاؤلا لاستصلاح حاله فأما معنى قول عمر رضي الله عنه عسى الغوير أبؤسا مثل معروف لما يكون باطنه بخلاف ظاهره وأول من تكلم به الزباء الملكة حين رأت الصناديق فيها الرجال وقد أخبرت أن فيها الأموال فلما أحست بذلك أنشأت تقول ما للجمال مشيها وئيدا أجندلا تحمل أم حديدا أم صرفانا باردا شديدا أم الرجال جثما قعودا ثم قالت عسى الغوير أبؤسا فطار كلامها مثلا وكان عمر رضي الله عنه ظن أن هذا الرجل جاء إليه بولده يزعم أنه لقيط ليستوفي منه نفقته فلهذا ذكر هذا المثل وفي الحديث دليل أن الملتقط ينبغي له أن يأتي باللقيط إلى الإمام وينبغي للإمام أن يعطي نفقته من بيت المال وأنه يكون حرا كما قال عمر رضي الله عنه نفقته علينا وهو حر وإن أنفق عليه الملتقط فهو في نفقته متطوع لا يرجع بها على اللقيط إذا كبر لأنه غير مجبور على ما صنع شرعا والمتطوع من يكون مخيرا غير مجبر على إيجاد شيء شرعا ولو أنفق على ولد له أب معروف بغير إذن أبيه كان متطوعا في ذلك فكذلك إذا أنفق على اللقيط وهذا لأن بالالتقاط يثبت له من الحق بقدر ما ينتفع به اللقيط وهو الحفظ والتربية ولم يثبت له عليه ولاية إلزام شيء في ذمته لأن ذلك لا ينفعه ولأنه ليس بينهما سبب مثبت للولاية ولهذا لا يرجع بالنفقة عليه ولأن الغالب من أحوال الناس أنهم بمثل هذا يتبرعون وفي الرجوع لا يطمعون ومطلق الفعل محمول على ما هو المعتاد فإن أمره