في الجهة فاسدة ولو انتصب ما ظن الإمام إليه قبلة حقيقة يصح اقتداء هذا الرجل به وإن خالفه في الجهة كما إذا صلوا في جوف الكعبة إذا عرفنا هذا نقول من اشتبه عليه القبلة في السفر في ليلة مظلمة واحتاج إلى أداء الصلاة فعليه التحري ثم المسألة على أربع أوجه فإما أن يصلي إلى جهة من غير شك ولا تحر أو يشك ثم يصلى إلى جهة من غير تحر أو يتحرى فيصلى إلى جهة التحري أو يعرض عن الجهة التي أدى إليها اجتهاده فيصلى إلى جهة أخرى فأما بيان الفصل الأول أنه إذا صلى من غير شك ولا تحر فإن تبين أنه أصاب أو أكبر رأيه أنه أصاب أو لم يتبين من حاله شيء بأن ذهب من ذلك الموضع فصلاته جائزة لأن فعل المسلم محمول على الصحة ما أمكن فكل من قام لأداء الصلاة يجعل مستقبلا للقبلة في أدائها باعتبار الظاهر وحمل أمره على الصحة حتى يتبين خلافه وإن تبين أنه أخطأ القبلة فعليه إعادة الصلاة لأن الظاهر يسقط اعتباره إذا تبين الحال بخلافه لأن الحكم بجواز الصلاة هنا لانعدام الدليل المفسد لا للعلم بالدليل المجوز فإذا ظهر الدليل المفسد وجب الإعادة وكذلك إن كان أكبر رأيه أنه أخطأ فعليه الإعادة لأن أكبر الرأى كاليقين خصوصا فيما يبني على الاحتياط وأما إذا شك ولم يتحر ولكن صلى إلى جهة فإن تبين أنه أخطأ القبلة أو أكبر رأيه أنه أخطأ أو لم يتبين من حاله شيء فعليه الإعادة لأنه لما شك فقد لزمه التحرى لأجل هذه الصلاة وصار التحرى فرضا من فرائض صلاته فإذا ترك هذا الفرض لا تجزيه صلاته بخلاف الأول لأن التحري إنما يفترض عليه إذا شك ولم يشك في الفصل الأول فأما إذا تبين أنه أصاب القبلة جازت صلاته لأن فريضة التحري لمقصود وقد توصل إلى ذلك المقصود بدونه فسقط فريضة التحري عنه وإن كان أكبر رأيه أنه أصاب فكان الشيخ الإمام الزاهد أبو بكر محمد بن حامد رحمهم الله تعالى يفتي بالجواز هنا أيضا لأن أكبر الرأى بمنزلة اليقين فيما لا يتوصل إلى معرفته حقيقة والأصح أنه لا يجزيه لأن فرض التحري لزمه يقين فلا يسقط اعتباره إلا بمثله ولأن غالب الرأي يجعل كاليقين احتياطا والاحتياط هنا في الإعادة فأما إذا شك وتحرى وصلى إلى الجهة التي أدى إليها اجتهاده فإن تبين أنه أصاب أو أكبر رأيه أنه أصاب أو لم يتبين من حاله شيء فصلاته جائزة بالاتفاق وكذلك إن تبين أنه أخطأ فصلاته جائزة عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن تبين أنه تيامن أو تياسر فكذلك الجواب وإن تبين أنه استدبر الكعبة فصلاته فاسدة وعليه الإعادة في أحد القولين لأنه تبين الخطأ