الله عليه وسلم دليل على أن الحكم في الكل واحد مع أن مطلق الصدقة ينصرف إلى الواجب وفي بعض الروايات قال صدقة ماله وهو تنصيص على الواجب وكان المعنى فيه أن الواجب فعل هو قربة في محل يجري فيه الشح والضن وهو المال باعتبار مصرف ليس بينهما ولاد ثم عند الاشتباه والحاجة أقام الشرع أكثر هذه الأوصاف مقام الكل في حكم الجواز والحاجة ماسة لتعذر استرداد المقبوض من القابض وبهذا يستدل في المسألة الأولى أيضا فإن الصدقة على الغني فيها معني القربة كالتصدق على الولد ولهذا لا رجوع فيه فيقام أكثر الأوصاف مقام الكل في حق الجواز ثم طريق معرفة البنوة الاجتهاد ألا ترى أنه لما نزل قوله تعالى ! < الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم > ! قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه والله إني بنبوته أعرف مني بولدي فإني أعرفه نبيا حقا ولا أدري ماذا أحدث النساء بعدي وإذا كان طريق المعرفة الاجتهاد كان هذا والأول سواء من حيث أنه لا ينتقض الاجتهاد باجتهاد مثله فإن تبين أنه هاشمي فكذلك الجواب في ظاهر الرواية لأن المنع من جواز صرف الواجب إليه باعتبار النسب مع أن التصدق عليه قربة فهو وفصل الأب سواء وفي جامع البرامكة روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه يلزمه الإعادة لأن كونه من بني هاشم مما يوقف عليه في الجملة ويصير كالمعلوم حقيقة فكان هذا بمنزلة ظهور النص بخلاف الاجتهاد ودليله أنه لو قال لهاشمي لست بهاشمي فإنه يحد أو يعزر على حسب ما اختلفوا فيه ولو تبين أن المدفوع إليه ذمي فهو على هذا الخلاف أيضا وفي الأمالي روي أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا يجزئه لأن الكفر مما يوقف عليه ولهذا لو ظهر أن الشهود كفار بطل قضاء القاضي وفي ظاهر الرواية قال ما يكون في الإعتقاد فطريق معرفته الاجتهاد والتصدق على أهل الذمة قربة فهو وما سبق سواء وفي الكتاب قال أعطى ذميا أخبره أنه مسلم أو كان عليه سيما المسلمين وفي هذا دليل أنه يجوز تحكيم السيما في هذا الباب قال تعالى ! < يعرف المجرمون بسيماهم > ! 41 وقال تعالى ! < تعرفهم بسيماهم > ! 273 وفيه دليل أن الذمي إذا قال أنا مسلم لا يصير مسلما لأنه قال أخبره أنه مسلم ثم علم أنه ذمي وهذا لأن قوله أنا مسلم أي منقاد للحق مستسلم وكل أحد يدعي ذلك فيما يعتقده وقد قال بعض المتأخرين المجوسي إذا قال أنا مسلم يحكم بإسلامه لأنهم يتشاءمون بهذا اللفظ ويتبرؤن منه بخلاف أهل الكتاب وإن تبين أن المدفوع إليه مستأمن حربي فهو جائز على ما ذكر في كتاب الزكاة وفي جامع البرامكة روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى الفرق بين الذمي والحربي المستأمن فقال قد نهينا عن البر مع من يقاتلنا في ديننا فلا يكون فعله في ذلك قربة وبدون فعل القربة لا يتأدى الواجب ولم ننه عن المبرة مع من لا يقاتلنا قال تعالى ! < لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين > ! فيكون