حكمه كحكم المجتهد في جميع ما بينا وكذلك لو حكمنا فقيها فحكمه كفتواه لأن سببه تراضيهما لا ولاية ثابتة له حكما فكان تراضيهما على تحكيمه كسؤالهما إياه والفتوي لا تعارض قضاء القاضي فإذا قضي القاضي عليه بخلاف ذلك كان عليه أن يتبع رأى القاضي ألا ترى أن للقاضي أن يقضي بخلاف حكم الحكم في المجتهدات وليس له أن يقضي بخلاف ما قضي به غيره في المجتهدات ولو قضي به لم ينفذ قضاؤه فهذا معنى قولنا حكم الحكم في حقهما كفتواه وعلى هذا لو شهد عدلان عند جارية أن مولاها أعتقها أو أقر أنه أعتقها لم يسعها أن تدعه يجامعها إن قضي القاضي به أو لم يقض لأن حجة حرمتها عليه تمت عندها فهو والطلاق سواء ولا يسعها أن تتزوج إذا كان المولى يجحد العتق وكذلك إذا شهدا بعتق العبد والمولى يجحد لم يسع العبد أن يتزوج بشهادتهما حتى يقضي له القاضي بالعتق لأنهما مملوكان له في الحكم فلو تزوجا بغير إذنه كانا مرتكبين للحرام عند القاضي وعند الناس والتحرز عن ارتكاب الحرام فرض والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
$ كتاب التحري $ ( قال ) رضي الله عنه إعلم بأن التحري لغة هو الطلب والابتغاء كقول القائل لغيره اتحرى مسرتك أي أطلب مرضاتك قال تعالى ! < فأولئك تحروا رشدا > ! 14 وهو والتوخي سواء إلا أن لفظ التوخي يستعمل في المعاملات والتحري في العبادات قال صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين اختصما في المواريث إليه أذهبا وتوخيا واستهما وليحلل كل واحد منكما صاحبه وقال صلى الله عليه وسلم في العبادات إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب وفي الشريعة عبارة عن طلب الشيء بغالب الرأي عند تعذر الوقوف على حقيقته وقد منع بعض الناس العمل بالتحري لأنه نوع ظن والظن لا يغني من الحق شيئا ولا ينتفي الشك به من كل وجه ومع الشك لا يجوز العمل ولكنا نقول التحري غير الشك والظن فالشك أن يستوى طرف العلم بالشيء والجهل به والظن أن يترجح أحدهما بغير دليل والتحري أن يترجح أحدهما بغالب الرأي وهو دليل يتوصل به إلى طرف العلم وإن كان لا يتوصل به إلى ما يوجب حقيقة العلم ولأجله سمى تحريا فالحر اسم لجبل على طرف المفاوز والدليل على ما قلنا الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى ! < فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات > !