في يده فأعتقها وهو مسلم ثقة فهذا والأول سواء لما بينا أن المخبر مكذب شرعا وأن تصادقهما على أنها مملوكة لذي اليد حجة شرعا في إثبات الملك له فللمشتري أن يعتمد الحجة الشرعية والتنزه أفضل له .
( فإن قيل ) في هذا الموضع أخبر بحرمة المحل حين زعم أنها معتقة أو حرة فلو جعلت هذا نظير ما سبق .
( قلنا ) لا كذلك فحرمة المحل هنا لعدم الملك والملك ثابت بدليل شرعي ومع ثبوت الملك لا حرمة في المحل وفي الكتاب قال هذا بمنزلة النكاح الذي يشهد فيه بالرضاع وهو إشارة إلى ما قلنا أن حل الوطء لا يكون إلا بملك والملك المحكوم به شرعا لا يبطل بخبر الواحد فكذلك ما ينبني عليه من الحل وإذا كانت الجارية لرجل فأخذها رجل آخر وأراد بيعها لم ينبغ لمن عرفها للأول أن يشتريها من هذا حتى يعلم أنها قد خرجت من ملكه وانتقلت إلى ملك ذي اليد بسبب صحيح أو يعلم أنه وكله ببيعها لأن دليل الملك الأول ظهر عنده فلا يثبت الملك للثاني في حقه إلا بدليل يوجب النقل إليه والشراء من غير المالك لا يحل إلا باذن المالك ولو علم القاضي ما علمه هو كان يحق عليه تقريره على ملك الأول حتى يثبت الثاني سبب الملك لنفسه فكذلك إذا علمه هذا الذي يريد شراءه فإن سأل ذا اليد فقال إني قد اشتريتها منه أو وهبها لي أو تصدق بها علي أو وكلني ببيعها فإن كان ثقة فلا بأس بأن يصدقه على ذلك ويشتريها منه ويطأها لأنه أخبر بخبر مستقيم صالح فيكون خبره محمولا على الصدق ما لم يعارضه مانع يمنع من ذلك والمعارض إنكار الأول ولم يوجد ولو كلفناه الرجوع إلى الأول ليسأله كان في ذلك نوع حرج لجواز أن يكون غائبا أو مختفيا وإن كان غير ثقة إلا أن أكبر رأيه فيه أنه صادق فكذلك أيضا لما بينا أن في المعاملات لا يمكن اعتبار العدالة في كل خبر لمعنى الحرج والضرورة لأن الخبر غير ملزم إياه شرعا مع أن أكبر الرأى إذا انضم إلى خبر الفاسق تأيد به وقد بينا نظيره في الأخبار الدينية فها هنا أولى وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم ينبغ له أن يتعرض لشيء من ذلك لأن أكبر الرأى فيما لا يوقف على حقيقته كاليقين ولو تيقن بكذبه لم يحل له أن يعتمد خبره فكذلك إذا كان أكبر رأيه في ذلك والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم لوابصة بن معبد رضي الله تعالى عنه ضع يدك على صدرك واستفت قلبك فيما حاك في صدرك فهو السالم وإن أفتاك الناس به وقال صلى الله عليه وسلم الاثم حراز القلوب أي على المرء أن يترك ما حرز في قلبه تحرزا عن الأثم وكذلك لو لم يعلم أن ذلك الشيء لغير الذي هو في يديه حتى أخبره الذي في يديه أنه لغيره وأنه وكله