فكذلك حال الذين قاتلوا بعد ما مات الإمام قبل أن يستخلفوا غيره وإذا استعان قوم من أهل البغي بقوم من أهل الحرب على قتال أهل العدل وقاتلوهم فظهر عليهم أهل العدل قال يسبي أهل الحرب وليست استعانة أهل البغي بهم بأمان لهم لأن المستأمن يدخل دار الإسلام تاركا للحرب وهؤلاء ما دخلوا دار الإسلام إلا ليقاتلوا المسلمين من أهل العدل فعرفنا أنهم غير مستأمنين ولأن المستأمنين لو تجمعوا وقصدوا قتال المسلمين وناجزوهم كان ذلك منهم نقضا للأمان فلأن يكون هذا المعنى مانعا ثبوت الأمان في الابتداء أولى وكذلك أهل البغي إذا دعوا قوما من أهل الحرب فأعان أولئك القوم من أهل الحرب على أهل العدل فقاتلوهم فظهر عليهم أهل العدل فإنهم يسبونهم لما بينا أن موادعة أهل البغي وإن كانت عاملة في حق أهل العدل فهم بالقصد إلى مال أهل العدل صاروا ناقضين لتلك الموادعة والتحقوا بمن لا موادعة لهم من أهل الحرب في حكم السبي من لحق بعسكر أهل البغي وحارب معهم لم يكن فيه حكم المرتد حتى لا يقسم ماله بين ورثته ولا تنقطع العصمة بينه وبين امرأته فإن عليا رضي الله تعالى عنه لم يفعل ذلك في حق أحد ممن التحق من أهل عسكره بمن خالف ولما قال للذي أتاه بعد ذلك يخاصم في زوجته أنت الممالىء علينا عدونا قال أو يمنعني ذلك عدلك فقال لا وقضى له بزوجته ولأن الموت الحكمي إنما يثبت بتباين الدارين حقيقة وحكما وذلك لا يوجد ها هنا فمنعة أهل البغي وأهل العدل كلها في دار الإسلام فلهذا لا يقسم ماله بين ورثته ولا تنقطع العصمة بينه وبين زوجته والله أعلم .
$ باب آخر في الغنيمة $ ( قال ) قال أبو حنيفة رحمه الله ( المقطوع في الحرب وصاحب الديون في الغنيمة سواء ) لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الغنيمة قال لله سهم ولهؤلاء أربعة أسهم فقال السائل فهل أحدا أحق بشيء من غيره قال لا حتى لو رميت بسهم في جنبك فاستخرجته لم تكن أحق به من صاحبك ولأن السبب هو القهر على وجه يكون فيه إعزاز الدين والمتطوع في ذلك كصاحب الديون ومن دخل دار الحرب للتجارة وهو في عسكر المسلمين فلا حق له في الغنيمة إلا أن يلقى المسلمون العدو فيقاتل معهم فيشاركهم حينئذ لأن التاجر ما كان