فيه والثاني أن الآخذ إنما تمكن منه بقوة المسلمين لأنه رقباني مثله يدفعه عن نفسه فإنما صار قاهرا له بقوة المسلمين فلهذا لا يختص به وهو نظير السرية مع الجيش في دار الحرب فإن السرية لا تختص بما أخذت لأن تمكنهم بقوة الجيش فهذا مثله والمسلمون بمنزلة المدد للآخذ وتأكد الحق بالأخذ والإحراز وقد شاركوه في الإحراز وإن اختص هو بالأخذ وقد بينا أن المدد يشاركون الجيش إلا أن الإحراز هناك بعد الأخذ وها هنا الإحراز سبق الأخذ فإذا شاركوه بالمشاركة في الإحراز بعد الأخذ فلان يشاركوه بالإحراز منهم قبل أخذه أولى وبه فارق الصيد والحطب لأن تمكنه من هذه الأشياء لم يكن بقوة المسلمين إذ لا دفع في المال ولكن الطريق الأول أصح فإن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا أسلم قبل أن يؤخذ فهو رقيق للمسلمين ومن أسلم قبل الأخذ فحريته تتأكد بإسلامه كما لو أسلم في دار الحرب فلولا أنه صار مأخوذا بالدار لكان حرا إذا أسلم قبل أن يؤخذ وعندهما إذا أسلم قبل أن يؤخذ فهو حر لا سبيل عليه لأن سبب الرق فيه الأخذ والمسلم لا يسترق فكان حرا ولو أسلم ثم رجع إلى دار الحرب قبل أن يؤخذ فهو حر بالاتفاق كما لو رجع قبل أن يسلم ثم في وجوب الخمس فيه إذا أخذ روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في إحدى الروايتين قال المأخوذ بمنعة الدار كالمأخوذ بمنعة الجيش يكون غنيمة يخمس وفي الرواية الأخرى قال الخمس فيما أوجف عليه المسلمون ولم يوجد ذلك ها هنا فهو بمنزلة الجزية والخراج لا خمس فيها ولأن الحق فيه لجماعة المسلمين يصرف إلى بيت المال فلا فائدة في إيجاب الخمس فيه وكذلك عن محمد رحمه الله تعالى روايتان في إيجاب الخمس فيه في إحدى الروايتين جعله كالحطب والصيد فلا خمس فيه لأنه ما أصيب بطريق فيه إعزاز الدين وفي الرواية الأخرى قال فيه الخمس بمنزلة الركاز وهذا لأن الواجد إنما أخذه بقوة المسلمين وأذن الإمام له في ذلك فإن الإمام أذن في مثله لكل مسلم ولو أخذه في دار الحرب بهذا الطريق اختص به وكان فيه الخمس فكذلك إذا أخذه في دار الإسلام وإن دخل الحرم قبل أن يؤخذ فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يؤخذ ويكون فيئا للمسلمين لأن حقهم ثبت فيه قبل أن يدخل الحرم فهو كعبد من عبيد بيت المال دخل الحرم وهذا لأنه قبل أن يدخل الحرم كان يجوز قتله واسترقاقه فبدخوله الحرم استفاد الأمن من القتل فيبقى حكم الرق فيه للمسلمين كما لو أسلم فأما عندهما لا يتعرض له في الحرم لأنه لم يصر مأخوذا عندهما فهو حر مباح الدم