وما معه فيء لأن الكتاب قد يفتعل وإذا لم يعلم أنه كتاب ملكهم بختم وتوقيع معروف فالظاهر أنه افتعل ذلك وأنه لص مغير في دار الإسلام فحين أخذناه احتال بذلك ليتخلص من أيدينا ولهذا كان فيئا مع ما معه وإن ادعى أنه دخل بأمان لم يصدق وهو فيء لأن حق المسلمين قد ثبت فيه حين تمكنوا منه من غير أمان ظاهر له فلا يصدق هو في إبطال حقهم وإذا خرج قوم من أهل الحرب مستأمنين لم يعرض لهم فيما كان جرى بينهم في دار الحرب من المداينات لأنهم بالدخول بأمان ما صاروا من أهل دارنا وقد كانت هذه المعاملة بينهم حين لم يكونوا تحت يد الإمام فلا يسمع الإمام الخصومة في شيء من ذلك إلا أن يلتزموا حكم الإسلام وذلك يكون بعقد الذمة فإن كان ذلك جرى بينهم في دار الإسلام أخذوا به لأنهم كانوا تحت يد الإمام حين جرت هذه المعاملة بينهم وما أمناهم ليظلم بعضهم بعضا بل التزمنا لهم أن نمنع الظلم عنهم فلهذا تسمع الخصومة التي جرت بينهم في دارنا كما لو جرت بينهم وبين المسلمين ولو أن حربيا دخل دار الإسلام بغير أمان فأخذه واحد من المسلمين فهو فيء لجماعة المسلمين في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهي رواية بشر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وظاهر المذهب عند أبي يوسف وهو قول محمد رحمهما الله تعالى أنه لمن أخذه خاصة وحجتهما في ذلك أن يد الآخذ سبقت إليه وهو مباح في دارنا فمن سبقت يده إليه صار محرزا له فاختص بملكه كالصيد والحطب والركاز الذي يجده في دار الإسلام وهذا لأنه وإن دخل دارنا فلم يصر به مأخوذا مقهورا لعدم علم المسلمين به .
ألا ترى أنه لو عاد إلى دار الحرب قبل أن يعلم به كان حرا فإنما صار مقهورا بالأخذ فكان للآخذ خاصة كما لو أخذه في دار الحرب وأخرجه ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه طريقان أحدهما أن نواحي دار الإسلام تحت يد إمام المسلمين ويده يد جماعة المسلمين فهو كما دخل دار الإسلام صار في يد المسلمين حكما فصار مأخوذا وثبت فيه حق جماعة المسلمين فمن أخذه بعد ذلك فإنما استولى على ما ثبت فيه حق المسلمين فلا يختص به كما إذا استولى على مال بيت المال ولكن هذا اليد حكمية فتظهر في حق المسلمين ولا تظهر في حق أهل الحرب فلهذا إذا عاد إلى دار الحرب قبل أن يعلم به كان حرا حربيا على حاله ولأن الحق الثابت فيه ضعيف فهو بمنزلة حق الغانمين في دار الحرب وهناك من عاد من الأسرى إلى منعة أهل الحرب قبل الإحراز يكون حرا فهنا من عاد قبل أن يعلم به يكون حرا ولكنه لا يختص به الآخذ لثبوت الحق للجماعة