التحكم عليهم في أموالهم بقدر الحاجة لتجهيز الجيش فكأنه من على جرير وولده رضي الله عنهم بأن رفع ذلك عنهم فقد كان موقرا فيهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقره حتى قال جرير رضي الله عنه ما نظر إلي إلا تبسم ولو في صلاته لكن لم يقبل جرير هذه المنة منه لعلمه أن في الجهاد بالمال معنى الثواب واستحقاق المؤمن التوقير بكونه مستبقا إلى الخيرات والطاعات ولكن قال لا أعطي المال إليك بل أدفع بنفسي إلى من أختاره من الغزاة ليتبين به أنه غير مجبر على ما يعطي وبهذا يستدل من يقول من أصحابنا أن الأفضل للمرء أن يشارك أهل محلته في إعطاء النائبة .
ولكنا نقول هذا كان في ذلك الوقت لأنه إعانة على الطاعة فأما في زماننا إنما يوجد أكثر النوائب بطريق الظلم ومن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فذلك خير له وإن أراد الإعطاء فليعطه من هو عاجز عن دفع الظلم عن نفسه وعن أداء المال لفقره حتى يستعين على دفع الظلم فينال المعطي الثواب بذلك .
وعن أبي مرزوق عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتتح قرية بالمغرب فخطب أصحابه فقال لا أحدثكم إلا بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول يوم خيبر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماؤه زرع غيره ولا يتبع المغنم حتى يقسم ولا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ولا يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه ففيه دليل على أن صاحب الجيش عند الفتح ينبغي له أن يخطب ويعلم الناس في خطبته ما يحتاجون إليه في ذلك الوقت فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعند فتح خيبر فمما ذكر عنده في فتح خيبر هذا الحديث .
وفيه دليل على أنه لا يحل وطء الحبالى من الفيء وبه نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس إلا لا توطأ الحبالى من الفيء حتى يضعن ولا الحبالى حتى يستبرئن بحيضة وفي وطء الحامل سقى مائه زرع غيره كما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قوة سمع الجنين وبصره وشعره بماء الواطىء ففيه دليل أنه ليس للغازي أن يبيع نصيبه قبل القسمة لأن الملك لا يثبت له إلا بالقسمة وبيع مجرد الحق لا يجوز ولأن نصيبه مجهول لا يدري أين يقع وأي مقدار يكون وللإمام رأي في بيع الغنائم وقسمة الثمن فإنما يبيع ما هو مجهول جهالة متفاحشة وذلك باطل وفيه دليل على أنه لا يحل لبعضهم الانتفاع بدواب الغنيمة وثيابها قبل القسمة وقد سمى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ربا الغلول في حديث آخر ونهى عنه ولكن هذا عند عدم