حين ظهر الدليل عنده وهذا لأنه كان مجتهدا ولا يحل للمجتهد أن يدع رأى نفسه لرأى مجتهد آخر احتشاما له .
والدليل عليه حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى رحمه الله عن علي رضي الله عنه قال اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس كبر سني ورق عظمي وركبتني المؤن فإن رأيت أن تأمر لي بكذا وسقا من طعام فافعل ففعل ذلك وقالت فاطمة رضي الله عنها أنت تعلم مكاني منك فإن رأيت أن تأمر لي بمثل ما أمرت به لعمك فافعل ففعل ذلك وقال زيد بن حارثة كنت أعطيتني أرضا فكنت أزرعها وأعيش بها ثم أخذتها مني فإن رأيت أن تردها علي فافعل ففعل ذلك فقلت أنا إن رأيت أن توليني القسمة فيما هو حقنا كيلا ينازعني أحد بعدك فافعل ففعل ذلك وقال للعباس رضي الله تعالى عنه هلا سألت كما سأل بن أخيك فقال إلى ذلك أنتهت مسألتي فكنت أقسم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله تعالى عنهما حتى أتاه مال عظيم فدعاني لآخذ ما كنت آخذه وأقسمه بين أهل البيت فقلت له إن بنا اليوم عنه غنى وبالمسلمين خلة فأصرفه إليهم ففعل ذلك وقال لي العباس لقد حرمنا اليوم شيئا لا يعود إلينا أبدا وكان رجلا داهيا فكان كما قال .
فبهذا تبين أن عليا رضي الله تعالى عنه علم أن الصرف إليهم للحاجة لا للاستحقاق حين رد بقوله إن بنا اليوم عنه غنى وذكر عن بن عباس رضي الله عنهما قال عرض علينا عمر رضي الله عنه أن يزوج من الخمس أيمنا وأن يقضي به عن مغرمنا فأبينا إلا أن يسلمه إلينا فأبى ذلك علينا .
قال الشافعي رحمه الله تعالى وفي هذا دليل على أن بن عباس رضي الله عنه كان يرى استحقاق ذلك السهم لهم وذلك ظاهر فيما ذكر بعد هذا من كتابه إلى نجدة وكتبت إلي أن تسألني عن سهم ذوي القربى وأنا لنزعم أنه لنا ويأبى علينا ذلك غيرنا .
ولكنا نقول بعد إجماع الخلفاء الراشدين لا يؤخذ بقول بن عباس رضي الله عنهم أجمعين في هذا لا يؤخذ به في العول وغيره مع أن معنى قوله فأبينا إلا أن يسلمه إلينا لنتولى صرفه إلى المحتاجين منا لا لنصرفه إلى أنفسنا وكل أحد يحب ذلك في أهل بيته .
ألا ترى أنه قال فأبى ذلك علينا وعمر رضي الله عنه ما كان يعرف بمنع الحق من المستحق بل بإيصال الحق إلى المستحق على ما قال صلى الله عليه وسلم أينما دار عمر فالحق معه .
وعن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس يوم خيبر فقسم سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب