بظاهر قوله تعالى ! < ولذي القربى > ! الحشر 8 فقد أضاف إليهم سهما بلام التمليك فدل أنه حق مستحق لهم وأن الأغنياء والفقراء فيه سواء لأنه ليس في اسم القرابة ما ينبئ عن الفقر والحاجة بخلاف سهم اليتامى ففي اسم اليتيم ما ينبئ عن الحاجة حتى لو أوصى ليتامى بني فلان وهم لا يحصون فالوصية لفقرائهم بخلاف ما لو أوصى لأقرباء فلان وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الأغنياء منهم فإنه أعطى العباس رضي الله عنه وقد كان له عشرون عبدا كل عبد يتجر في عشرين ألفا .
وأعطى الزبير بن العوام من غنائم خيبر خمسة أسهم سهما له وسهمين لفرسه وسهما لقرابته وسهما لأمه صفية وكانت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها فإذا كان هذا الحكم ثابتا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقى بعده لأنه لا نسخ بعد وفاته .
ومن قال من مشايخنا رحمهم الله أن الاستحقاق للفقراء منهم دون الأغنياء احتج بقوله تعالى ! < كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم > ! الحشر 7 وبين مصارف الخمس ثم بين المعنى فيه وهو أن لا يكون شيء منه دولة بين الأغنياء تتداوله أيديهم واسم ذوي القربى عام يتناول الأغنياء والفقراء فيخصه ويحمله على الفقراء بهذا الدليل .
ومن قال لا حق للفقراء والأغنياء منهم جميعا قال المراد بالآية بيان جواز الصرف إليهم لا بيان وجوب الصرف إليهم وكان هذا مشكلا فإن الصدقة لا تحل لهم فكان يشكل أنه هل يجوز صرف شيء من الخمس إليهم ولم يزل هذا الإشكال ببيان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ما كان يصرف ما يأخذ إلى حاجة نفسه فأزال الله تعالى هذا الإشكال بقوله تعالى ! < ولذي القربى > ! الحشر 7 وإنما حملناه على هذا لإجماع الخلفاء الراشدين على قسمة الخمس على ثلاثة أسهم ولا يظن بهم أنه خفي عليهم هذا النص ولا أنهم منعوا حق ذوي القربى فعرفنا بإجماعهم أنه لم يبق إلا الاستحقاق لأغنيائهم وفقرائهم .
والشافعي رحمه الله تعالى يقول لا إجماع ويستدل بالحديث الذي ذكره عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهما قال كان رأي علي رضي الله عنه في الخمس رأى أهل بيته ولكنه كره أن يخالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قال والإجماع بدون أهل البيت لا ينعقد كيف وقد كان رأي علي رضي الله عنه ولكنه يتحرز من أن ينسب إلى مخالفة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
ولكنا نقول ليس في هذا الحديث بيان من كان يرى ذلك من أهل البيت وقد كان فيهم من لا يكون قوله حجة وإنما كره علي رضي الله عنه هذه المخالفة لأنه رأى الحجة معهما فإنه خالفهما في كثير من المسائل