شهادة وصار في حقهم كأنه لم يرجع فلا يلزمهم الحد بخلاف ما إذا أشهد ثلاثة وامتنع الرابع لأن الحجة لم تتم هناك والشهادة على الزنى في الحقيقة قذف ولكن باعتبار تمام الحجة يخرج من أن يكون قذفا شرعا فلما لم تتم الحجة هناك بقى كلامهم قذفا فيلزمهم الحد ولما تمت الحجة هنا لم يكن كلامهم قذفا ثم حكم فسخ الشهادة برجوع الرابع مقصور عليه فلا يتعدى إلى الباقي .
( وحجتنا ) فيه أن العارض بالشهود قبل القضاء كالمقترن بأصل الأداء بدليل عمى الشهود وردتهم وبدليل المال فإن رجوع الشهود هناك قبل القضاء يمنع القاضي من القضاء بالمال لعدم تمام الحجة في الابتداء .
فإذا ثبت هذا فنقول لو امتنع الرابع من أداء الشهادة في الابتداء يقام حد القذف على الثلاثة ولا يكون ذلك لسكوت الرابع بل بنسبتهم إياه إلى الزنى فكذلك إذا رجع أحدهم قبل القضاء .
قوله إن الحجة تمت وكان كلامهم شهادة .
( قلنا ) هذا موقوف مراعى لأن الشهادة لا تكون حجة موجبة ما لم يتصل بها القضاء فإذا لم يتصل القضاء هنا بالشهادة حتى رجع أحدهم بقي كلامهم قذفا بالزنى إلا أن يكون حجة الحد على المشهود عليه تامة ألا ترى أن كلام الراجع قذف بالزنى ومعلوم أنه لو شهد مع القاذف ثلاثة نفر يقام عليهم الحد جميعا فكذلك هنا فأما إذا رجع أحدهم بعد القضاء قبل استيفاء الحد فإنه لا يقام الحد على المشهود عليه لأن العارض بعد القضاء فيما يندرىء بالشبهات كالعارض قبله بدليل عمي الشهود وردتهم وهذا لأن الإمام لا يمكنه إقامة الحد إلا بحجة كاملة ولم تبق بعد رجوع أحدهم .
ثم على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى الآخر يحدون جميعا حد القذف استحسانا .
وعند محمد وزفر رحمهما الله تعالى يحد الراجع وحده وهو القياس وهو قول أبي يوسف الأول رحمه الله تعالى لأن الأصل أن رجوع الشاهد بعد القضاء قبل الاستيفاء فيما يندريء بالشبهات كالرجوع قبل القضاء وفيما يثبت مع الشبهات كالرجوع بعد الاستيفاء بدليل المال فإنهم إذا رجعوا بعد القضاء لا يمتنع الاستيفاء على المقضي عليه .
إذا ثبت هذا فنقول إقامة الحد على المشهود عليه تندريء بالشبهات فرجوع أحدهم فيه بعد القضاء كالرجوع قبلة .
فأما سقوط حد القذف عنهم يثبت مع الشبهات فرجوع أحدهم فيه بعد القضاء كرجوعه بعد الاستيفاء .
توضيحه أن الحجة تعتمد القضاء وبعد ما تمت الحجة لا يكون كلامهم قذفا .
ثم برجوع أحدهم يبطل معنى الحجة في حقه فيصير كلامه قذفا ولكن لا ولاية له على الباقين ولا على إبطال حكم الحاكم فيبقى كلام الباقين حجة غير قذف كما كان قبل