ولا يستفيد كمال الحال والإحصان عبارة عن ذلك ولا بالجماع في النكاح الصحيح إذا كان قال لها إن تزوجتك فأنت طالق لأن الدلالة قامت لنا على أنها تطلق بنفس العقد فجماعه إياها بعد ذلك يكون زنا إلا أنه لا يجب به الحد لشبهة اختلاف العلماء ولكن لا يستفاد بهذا الفعل كمال الحال وكذلك إن تزوج المسلم مجوسية أو مسلمة بغير شهود فدخل بها لأن هذا من أنواع النكاح الفاسد .
( قال ) ( وإذا ثبت الزنى عند القاضي سأل الزاني أمحصن أنت ) لأنه لو أقر بالإحصان استغنى القاضي عن طلب إحصانه بالحجة فإن أنكر إحصانه وشهد الشهود عليه فرجم ثم رجع شهود الإحصان لم يضمنوا شيئا لأنهم ما شهدوا بسبب العقوبة ولا بشرطها ولأن سبب العقوبة ثابت ببقاء شهود الزنى على شهادتهم .
فإن رجع شهود الزنى وشهود الإحصان فلا ضمان على شهود الإحصان عندنا .
وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يشتركون في الضمان بناء على أصل أن الإحصان شرط الرجم .
وأن شهود الشرط يضمنون عند الرجوع كشهود السبب عنده وعندنا لا ضمان على شهود الشرط ثم قد بينا أن الإحصان ليس بشرط لأن الشرط حقيقة ما يتوقف تمام السبب عليه ولكنه حال في الزاني فلا يكون الإتلاف مضافا إليه بوجه .
وربما قال زفر رحمه الله تعالى الإحصان يغلظ جريمته والرجم عقوبة جريمة مغلظة فإذا ثبت أن بشهود الإحصان تغلظت جريمته كانوا بمنزلة من أثبت أصل الجريمة فصاروا في المعنى كستة نفر شهدوا على استحقاق القتل ولكن هذا بعيد فإن الإسلام والنكاح يثبت بشهادتهما ولا يجوز أن تضاف إليهما الجريمة ولا تغليظها .
ألا ترى أنه لو شهد رجلان بالزنى وآخران بالإحصان لا تتم الحجة معلوم أن الرجم يستحق بشهادة شهود أربعة فلو كان شهود الإحصان كشهود الزنى لتمت الحجة هنا فأما إذا رجع شهود الزنى أو بعضهم فالمسئلة على ثلاثة أوجه إما أن يرجع أحدهم قبل القضاء أو بعد القضاء .
قبل إقامة الحد أو بعد إقامة الحد .
فإن رجع أحدهم قبل القضاء يحدون حد القذف عندنا كما لو رجعوا جميعا .
وقال زفر رحمه الله تعالى لا يحد إلا الراجع خاصة وجه قوله أن الحجة تمت باجتماع الأربعة على أداء الشهادة وتمام الحجة يمنع من أن يكون كلامهم قذفا ثم الراجع فسخ معنى الشهادة من كلامه برجوعه فينقلب كلامه قذفا ولكن له ولاية فسخ الشهادة على نفسه لا على غيره فيبقى كلام الباقين