للتخفيف والعصمة والكفر من دواعى التغليظ فإذا كان تقام هذه العقوبة على المسلم بارتكاب هذه الفاحشة فعلى الكافر أولى .
( وحجتنا ) قوله صلى الله عليه وسلم من أشرك بالله فليس بمحصن معناه ليس بكامل الحال فإن المحصن من هو كامل الحال والرجم لا يقام إلا على من هو كامل الحال والاعتماد في المسألة على الاستدلال بالثيوبة فإن الثيوبة بالنكاح الصحيح شرط لإيجاب الرجم ومعلوم أن المقصود انكسار شهوته بإصابة الحلال وهذا المقصود يتم بالإصابة بملك اليمين كما يتم بالنكاح ثم شرط أن يكون بالنكاح فما كان ذلك إلا لاعتبار معنى النعمة ويتبين بهذا أن ما يشترط لإقامة الرجم يشترط بطريق هو نعمة فكذلك اعتقاد الحرمة يشترط بطريق هو نعمة وذلك بالإسلام بل أولى لأن أصل النعمة في الوطء بملك اليمين موجود إنما انعدم نهايتها وأصل النعمة منعدم هنا فيما يعتقده الكافر وتأثيره أن الجريمة كما تتغلظ باجتماع الموانع تتغلظ باجتماع النعم ولهذا هدد الله تعالى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن بضعف ما هدد به غيرهن بقوله تعالى ! < يضاعف لها العذاب ضعفين > ! 30 لزيادة النعمة عليهن وعوتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام على الزلات بما لم يؤاخذ به غيرهم لزيادة النعمة عليهم والحر يقام عليه الحد الكامل ولا يقام على العبد لزيادة نعمة الحرية في حق الحر فبدن العبد أكثر احتمالا للحد من بدن الحر فعرفنا أن بزيادة النعمة يزداد تغليظ الجريمة لما في ارتكاب الفاحشة من كفران النعمة فأما سائر الفضائل إنما لا تشترط لأن شرط الحد بالرأى لا يمكن إثباته .
ونحن قلنا ما يكون شرطا بالاتفاق لا ينبغي أن يشترط بطريق هو نعمة استدلالا بالثيوبة فأما ما لم يعرف شرطا لو أثبتناه لأثبتناه بالرأي ابتداء مع أنه إنما يشترط في الإحصان ما ينطلق عليه اسم الإحصان وسائر الفضائل لا ينطلق عليه اسم الإحصان وأما الإسلام فيطلق عليه اسم الإحصان في قوله تعالى ! < والذين يرمون المحصنات > ! 4 وقال تعالى ! < فإذا أحصن > ! 25 فإن أتين بفاحشة فأما العفة وإن كان يطلق عليها اسم الإحصان ولكن العفة انزجار عن الزنى والانزجار عن الزنى مع الإقدام على الزنى لا يتحقق فلا يمكن اشتراط العفة مقترنا بالزنى ولا سابقا على الزنى لأنه لا تتغلظ به الجريمة كما بينا فإن الإصرار على الزنى أفحش في الجريمة مع أن العفة الوقوف على حدود الدين فإذا شرطنا أصل الدين بطريق هو نعمة فقد حصل ما هو المقصود .
فأما الحديث فإنما رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم التوراة ألا ترى أنه دعا بالتوراة