فيحبسه تعزيرا ولهذا لا يحبسه في الديون قبل ظهور عدالة الشهود ولأن الحبس أقصى العقوبة هناك فإنه بعد ما ثبت الحق لا يعاقبه إلا بالحبس فلا يجوز أن يفعله قبل ثبوت الحق بخلاف الحدود فإذا ظهرت عدالة الشهود نظر في أمر الرجل فإن كان محصنا رجمه وإن كان غير محصن جلده والإحصان الذي يتعلق به الرجم له شرائط فالمتقدمون يقولون شرائطه سبعة العقل والبلوغ والحرية والنكاح الصحيح والدخول بالنكاح وأن يكون كل واحد من الزوجين مثل الآخر في صفة الإحصان والإسلام .
والأصح أن نقول شرط الأحصان على الخصوص اثنان الإسلام والدخول بالنكاح الصحيح بامرأة هي مثله فأما العقل والبلوغ فهما شرط الأهلية للعقوبة لا شرط الإحصان على الخصوص لأن غير المخاطب لا يكون أهلا لالتزام شيء من العقوبات والحرية شرط تكميل العقوبة لا أن تكون شرط الإحصان على الخصوص فأما الدخول شرط ثبت بقوله صلى الله عليه وسلم الثيب بالثيب والثيوبة لا تكون إلا بالدخول وشرطنا أن يكون ذلك بالنكاح الصحيح لأن الثيوبة على ما عليه أصل حال الآدمي من الحرية لا يتصور بسبب مشروع سوى النكاح الصحيح وكان المقصود به تغليظ الجريمة لأن الرجم أفحش العقوبات فيستدعى أغلظ الجنايات والجناية في الإقدام على الزنى بعد إصابة الحلال يكون أغلظ ولهذا لا تشترط العفة عن الزنى في هذا الإحصان بخلاف إحصان القذف لأن الزنى بعد الزنى أغلظ في الجريمة من الزنى بعد العفة .
فأما الإسلام شرط في قول علمائنا .
وعن أبي يوسف رحمه الله أنه ليس بشرط وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى لحديث بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهما رجم يهوديين زنيا وزاد في بعض الروايات .
وقد أحصنا والمعني فيه أن هذه عقوبة يعتقد الكافر حرمة سببها فيقام عليه كما يقام على المسلم كالجلد والقطع والقتل في القصاص بخلاف حد الشرب فإنه لا يعتقد حرمة سببه وتأثيره ما بينا أن ما اشترط في الإحصان إنما يشترط لمعنى تغلظ الجريمة وغلظ الجريمة باعتبار الدين من حيث اعتقاد الحرمة فإذا كان هو في دينه معتقدا للحرمة كالمسلم فقد حصل ما هو المقصود فكان به محصنا فإن المحصن من يكون في حصن ومنع من الزنى وهو باعتقاده ممنوع من الزنى وقد أنذر عليه بالعقوبة في دينه فكان محصنا ثم لا يجوز اشتراط الإسلام لمعنى الفضيلة والكرامة والنعمة كما لا يشترط سائر الفضائل من العلم والشرف ولا يجوز اشتراط الإسلام لمعني التغليظ لأن الكفر أليق بهذا من الإسلام فالإسلام