فاكهة فأكل عنبا أو رطبا أو رمانا لم يحنث في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويحنث في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لأن الفاكهة ما يؤكل على سبيل التفكه وهو التنعم وهذه الأشياء أكمل ما يكون من ذلك ومطلق الاسم يتناول الكامل وكذلك الفاكهة ما يقدم بين يدي الضيفان للتفكه به لا للشبع والرمان والرطب من أنفس ذلك كالتين .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول هذه الأشياء غير الفاكهة قال الله تعالى ! < فيهما فاكهة ونخل ورمان > ! 68 وقال الله تعالى ! < وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا > ! 28 29 30 31 .
فتارة عطف الفاكهة على هذه الأشياء وتارة عطف هذه الأشياء على الفاكهة والشيء لا يعطف على نفسه مع أنه مذكور في موضع المنة ولا يليق بالحكمة ذكر الشيء الواحد في موضع المنة بلفظين ثم الاسم مشتق من التفكه وهو التنعم قال الله تعالى ! < انقلبوا فكهين > ! 31 أي متنعمين وذلك معنى زائد على ما به القوام والبقاء والعنب والرطب يتعلق بهما القوام وقد يجتزى بهما في بعض المواضع والرمان كذلك في الأدوية فلا يتناولها مطلق اسم الفاكهة .
ألا ترى أن يابس هذه الأشياء ليس من الفواكه فإن الزبيب والتمر قوت وحب الرمان من التوابل دون الفواكه وما يكون رطبه من الفواكه فيابسه من الفواكه أيضا كالتين والمشمش والخوخ وما لا يكون يابسه من الفواكه فرطبة لا يكون من الفواكه كالبطيخ فإنه يقدم مع الفواكه بين يدي الضيفان ولا يتناوله اسم الفاكهة وأما القثاء والفول والجزر ليس من الفواكه إنما هي من البقول والتوابل بعضها يوضع على المائدة مع البقل وبعضها يجعل في القدر مع التوابل .
( قال ) ( ويدخل في الفاكهة اليابسة اللوز والجوز وأشباه ذلك ) وقد بينا أن أبا يوسف رحمه الله تعالى يجعل الجوز اليابس من الإدام دون الفاكهة لأنه لا يتفكه به عادة إنما يأكل مع الخبز كالجبن أو يجعل مع التوابل في القدر ولكن في ظاهر الرواية يقول رطب الجوز من الفواكه فكذلك يابسه للأصل الذي بينا .
وإن حلف لا يأكل طعاما فأكل خبزا أو فاكهة أو غير ذلك حنث ومراده أو غير ذلك مما يسمى طعاما عادة دون ماله طعم حقيقة فإن كل أحد يعلم أنه لا يريد السقمونيا بهذا اللفظ وله طعم عرفنا أن مراده ما يسمى في العادة طعاما ويؤكل على سبيل التطعم .
ولو حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله غيره في اليوم لم يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى .
وقال أبو يوسف رضي الله تعالى عنه يحنث إذا غابت الشمس والأصل فيه أن اليمين إذا كانت مؤقتة بوقت فانعقادها موجبا للبر في آخر